
رام الله - "الأيام": شكّلت عمليات القمع إحدى أبرز السياسات التاريخية التي مارستها منظومة سجون الاحتلال بحقّ الأسرى، بهدف فرض مزيد من السيطرة والرقابة، وقد تصاعدت هذه العمليات على نحو غير مسبوق منذ بداية حرب الإبادة، ولم يَسلم أيّ أسير من هذه الاعتداءات، التي تسببت في غالبيتها بإصابات متفاوتة، لا سيما الكسور، وبشكل خاص كسور الأضلاع.
وخلال شهر كانون الأول الجاري، وثّقت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير، عبر طواقمهما القانونية، العديد من الإفادات المرتبطة بعمليات القمع الممنهجة، بما في ذلك تلك التي استهدفت الأسيرات والأطفال.
وقالت الهيئة والنادي في بيان مشترك، أمس، في سجن "الدامون"، الذي تحتجز فيه الأسيرات، ويبلغ عددهنّ، اليوم، 50 أسيرة، نفّذت وحدات القمع سلسلة من الاعتداءات المنظّمة التي استهدفت عدداً من الأسيرات داخل عدة غرف (زنازين)، ففي 5/12/2025، اقتحمت قوات القمع ثلاث زنازين، وأقدمت على رشّ الغاز المسيل للدموع، وأجبرت الأسيرات على الاستلقاء على الأرض، واعتدت عليهنّ بالضرب، بالتزامن مع توجيه شتائم وألفاظ نابية، وذلك عقب ادّعاء إدارة السجن العثور على عبارات "تحريضية"، كما فُرضت على الأسيرات جملة من العقوبات، من بينها إغلاق الغرف والحرمان من "الفورة".
وأضاف البيان، في 14/12/2025، وخلال ساعات الفجر، جرى اقتحام غرفتين، حيث تم تقييد الأسيرات بالأصفاد من الخلف، وتعصيب أعينهن، وإخراجهن إلى الساحة في البرد القارس، وإجبارهن على خفض رؤوسهن والجلوس على ركبهن، كما جرى تصوير عملية القمع، بما في ذلك أعمال التخريب الواسعة التي نُفذت داخل الغرف، بمرافقة الكلاب البوليسية، واستخدام القنابل الصوتية، وحسب إفادات الأسيرات، استمرت عملية القمع من ساعات الفجر وحتى الساعة السابعة صباحاً.
وأكدت الأسيرات أنّ معاناتهنّ تتضاعف مع حلول فصل الشتاء، في ظل البرد الشديد، ونقص الأغطية والملابس، وغياب أي وسيلة للتدفئة، إلى جانب استمرار سياسة التجويع الممنهجة، والحرمان من العلاج والرعاية الصحية، لا سيما في ظل وجود أسيرات يعانين من أمراض مزمنة، من بينها السرطان، كما تعاني الأسيرات من الحرمان من تلبية احتياجاتهنّ الخاصة، وعلى رأسها الفوط الصحية، التي تُستخدم كأداة إضافية للإذلال والقهر.
وأشار إلى أنه في سجن "جانوت" (نفحة وريمون سابقا)، حيث يُحتجز عدد من قيادات الحركة الأسيرة في زنازين العزل الانفرادي، من بينهم القائد أحمد سعدات، تواصل إدارة السجون فرض ظروف احتجاز قاسية وصعبة، بعد مماطلات متكررة سبقت السماح بزيارته مؤخراً. ويعاني سعدات من الإصابة بمرض الجرب (السكابيوس)، في ظل الحرمان المتعمّد من العلاج، شأنه شأن الأسرى كافة. وحسب الزيارة، فقد تعرّض سعدات لاعتداء خلال نقله من زنازين عزل سجن "مجدو" إلى معبر الرملة، ما تسبّب له بآلام شديدة في الظهر، قبل أن يُنقل إلى سجن "أوهليكدار"، ثم إلى زنازين سجن "جانوت – ريمون".
وبيّن أنّ عدداً من قيادات الحركة الأسيرة محتجزون منذ أكثر من عامين في زنازين العزل الانفرادي، ويتعرضون لعمليات تعذيب واعتداءات متكررة وممنهجة، أسفرت خلال الفترة الماضية عن إصابات جسدية متعددة، من بينها كسور متفاوتة.
وأوضح أنه على صعيد عمليات القمع في سجن "جانوت"، فقد شهدت تصاعداً ملحوظاً عقب إتمام الصفقة، حيث تُنفّذ عمليات قمع بشكل شبه يومي تستهدف الأقسام والغرف، وتترافق مع رش الغاز، والضرب المبرح، واستخدام الرصاص المطاطي، والصعق الكهربائي، إضافة إلى الاستعانة بالكلاب البوليسية والهراوات، وغالباً ما تُنفّذ هذه العمليات خلال ساعات الفجر أو منتصف الليل.
وأكّدت الإفادات التي حصل عليها المحامون من الأسرى في سجني "جلبوع" و"شطة" أنّ عمليات القمع ارتفعت وتيرتها بشكل خطير، وتترافق مع اعتداءات جسدية عنيفة، والتعمّد بإلقاء الغاز داخل الزنازين، واستخدام الهراوات وأجهزة الصعق الكهربائي، والكلاب البوليسية، وقد خلّفت هذه الاعتداءات إصابات مختلفة في صفوف العديد من الأسرى، الذين يعانون أصلاً من الجوع والمرض والإنهاك الجسدي، في ظل استمرار سياسة التجويع الممنهجة والحرمان من العلاج والرعاية الصحية.
ومن بين الأسرى الذين جرى توثيق إفاداتهم في سجن "جلبوع"، عاهد أبو غلمي، الذي أكّد تعرّضه لسلسلة من الاعتداءات الممنهجة، وأن وتيرة القمع لم تشهد أي تراجع، لافتاً إلى استمرار تفشي مرض الجرب (السكابيوس) بين صفوف الأسرى، والنقص الحاد في الملابس، وتفاقم المعاناة مع حلول فصل الشتاء، حيث تحوّل البرد القارس إلى أداة تعذيب إضافية.