
كتب محمد الجمل:
رصدت "الأيام" مجموعة جديدة من المشاهد من قطاع غزة، في ظل الخروق الإسرائيلية اليومية، وركزت على المعاناة الناجمة عن استمرار العدوان، وكذلك ما يواجه المواطنين من مشكلات وأزمات يومية.
ومن أبرز المشاهد، التي رصدتها "الأيام"، مشهد يرصد الاعتداءات والجرائم الإسرائيلية اليومية بحق النازحين، ومشهد آخر تحت عنوان "مليشيات الاحتلال لإخلاء أحياء شرق القطاع"، ومشهد ثالث يُسلّط الضوء على أزمة قطع غيار المركبات في غزة.
جرائم حرب يومية
يواصل الاحتلال خروقه وجرائمه اليومية بحق المدنيين في قطاع غزة، مخترقاً اتفاق التهدئة المبرم في العاشر من تشرين الأول الماضي. ووفق مؤسسات حقوقية، فإن ما يحدث في غزة بشكل يومي هو مخالفات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، ترتقي لجرائم حرب.
وأكد "المركز الدولي للدراسات القانونية" أن تحقيقاته خلصت إلى أن الهجمات العشوائية، المتمثلة في إطلاق النار صوب المدنيين النازحين في مخيمات الإيواء بقطاع غزة، تشكّل خرقاً فاضحاً لاتفاق وقف إطلاق النار، وانتهاكاً جسيماً لأحكام القانون الإنساني يرقى ليشكل جريمة حرب.
وقال المركز: إن طواقمه وثّقت خرق قوات الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، من خلال انتهاجها سياسة الهجمات العشوائية المتمثلة في إطلاق النار العشوائي باتجاه مخيمات النازحين، ما أدى إلى استشهاد العشرات وإصابة المئات غالبيتهم من الأطفال والنساء.
وجاء في تحقيق استقصائي للمركز أن جريمة قوات الاحتلال، بحق النازحين في مراكز الإيواء ومخيمات النزوح، ما هي إلا امتداد لسلسلة جرائمها بحق المدنيين منذ بدء جريمة الإبادة الجماعية بقطاع غزة في السابع من تشرين الأول 2023.
وحسب إفادات حصل عليها باحثو "المركز الدولي" من الضحايا وذويهم، فإن قوات الاحتلال المتمركزة خلف الخط الأصفر "خط الهدنة خلال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار"، تتعمد فتح نيران رشاشاتها صوب خيام النازحين ومخيماتهم، ما يُحدث حالة من الخوف والهلع في صفوف المواطنين الذين باتوا بلا مأوى، لا سيما الأطفال والنساء.
وأثبت التحقيق الذي أجراه "المركز الدولي" في هذه الصورة من صور الجرائم أن قوات الاحتلال تتعمد إطلاق النار بشكل يومي، وفي ساعات متفرقة ليلاً ونهاراً، تجاه خيام النازحين ومراكز الإيواء، مع علمها المسبق أن سكان الخيام مدنيون محميون وفق القانون الدولي، ولا علاقة لهم بأي نشاط عسكري أو سياسي أو أمني.
وحسب تحقيقات المركز، تتقدم آليات الاحتلال المتمركزة على الخط الأصفر بشكل يومي بضعة أمتار، وسط إطلاق نار كثيف على خيام النازحين، ما يعرض حياة النازحين للخطر، ويؤدي إلى انعدام الأمن، ويخلق حالة من الذعر والخوف بين النازحين، لا سيما الأطفال والنساء.
وأكد "المركز الدولي" في تحقيقه أن جريمة إطلاق النار العشوائي باتجاه خيام النازحين تشكل انتهاكاً جسيماً لأحكام اتفاقية جنيف الرابعة والبروتوكول الإضافي الأول الملحق، وترقى لتشكل جريمة حرب وفقاً لأحكام نظام روما الناظم لعمل المحكمة الجنائية الدولية.
ميليشيات الاحتلال لإخلاء الأحياء
يستخدم الاحتلال الميليشيات العميلة التي قام بتشكيلها شرق قطاع غزة لتنفيذ عدة مهام، منها اختطاف واغتيال مقاومين، إضافة إلى "تطهير" مناطق قبل دخولها.
ومؤخراً بات الاحتلال يستخدم تلك الميليشيات بهدف تفريغ مناطق من سكانها، لتوسيع الخط الأصفر، خاصة في مناطق شرق مدينة غزة، وشمال القطاع.
وأشارت مصادر محلية وشهود عيان إلى أن مسلحين تابعين لميليشيات تتمركز شرق حيَّي التفاح والشجاعية، يتقدمون باتجاه مناطق مأهولة، ويطلقون النار باتجاه منازل وخيام المواطنين، ويلقون قنابل، بهدف إثارة الخوف والهلع في صفوف المواطنين، وإجبارهم على إخلاء المناطق التي يقطنون فيها.
وأول من أمس، استشهد مواطن برصاص الميليشيات المذكورة في حي الشجاعية، كما تضررت خيام ومنازل جراء إطلاق النار، وهذه الحوادث المتكررة، أجبرت العديد من العائلات على إخلاء تلك المناطق.
وبيّنت المصادر ذاتها أن الميليشيات المذكورة كثفت نشاطها على طول الخط الأصفر، خاصة في المناطق التي تشهد احتكاكات يومية، وتعتبر من مناطق التماس.
وذكر مواطنون، من سكان شرق قطاع غزة، أنهم يشاهدون عناصر الميليشيات المذكورة يجوبون الشوارع وهم يستقلون عربات دفع رباعي، ويطلقون النار بهدف ترويع المواطنين وتخويفهم.
وكشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، مؤخراً، أن الجيش الإسرائيلي استخدم ميليشيات محلية، من أجل إجبار الفلسطينيين على إخلاء مناطق شرق حيَّي الشجاعية والتفاح في مدينة غزة.
ونقلت وكالة رويترز عن 3 مصادر أمنية وعسكرية مصرية قولها: إن هذه المليشيات كثّفت نشاطها منذ وقف إطلاق النار في غزة في 10 تشرين الأول الماضي، بعد حرب إبادة إسرائيلية على مدى عامين.
وقدرت هذه المصادر عدد أفراد هذه المليشيات في الوقت الراهن بنحو ألف عنصر، بزيادة 400 فرد عن عددها قبل وقف إطلاق النار.
يذكر أن هناك 4 مجموعات من الميليشيات جندها وسلّحها الاحتلال خلال العام الجاري، وهي ميليشيا ياسر أبو شباب، وتتمركز شرق رفح، ويقودها حالياً غسان الدهيني بعد مقتل أبو شباب، وميليشيا أخرى يقودها المدعو حسام الأسطل الملقب "أبو سفن" وتتمركز في منطقة "قيزان النجار" ومناطق أخرى جنوب وشرق خان يونس، وميليشيا في مناطق شرق مدينة غزة يقودها شخص يدعى أشرف المنسي، ورابعة يقودها شخص من عائلة "حلس"، إضافة إلى مجموعة خامسة يقودها شخص يُدعى "شوقي أبو نصيرة".
أزمة قطع غيار المركبات
يعيش قطاع غزة أزمة حادة في قطاع المواصلات، عنوانها الارتفاع غير المسبوق في أسعار قطع غيار المركبات، فالأزمة لم تعد مرتبطة بالوقود فقط، بل بسوق مشوّه يعاني نقصاً حاداً في القطع، وغياب الرقابة وتدمير البنية التحتية.
ووفق ملّاك مركبات، فإنهم يعانون في رحلة البحث عن قطع غيار مركبات، سواء القطع التشغيلية، أو القطع الخارجية مثل الزجاج.
وقال المواطن رائد عمر: إن مركبته، التي كان يعمل عليها كسيارة أجرة، متوقفة منذ أسبوعين بعد تعطلها، وتعذر إيجاد قطعة غيار بدل التالفة.
وأكد أنه بحث في كل الورش، وفي محال بيع قطع الغيار ولم يجدها، وأخبره أحد الحرفيين بأنه يستطيع تحوير قطعة بديلة بحيث يمكن أن تحل محل ما يبحث عنه، وقد بدأ بالفعل العمل وأخبره بأنها ستكون جاهزة بعد أيام، وما زال ينتظر.
وأوضح عمر أن الحرفيين يقومون حالياً بإعادة إصلاح وتجديد القطع التالفة لتعود للعمل من جديد، لكنه عمل مؤقت، إذ تعود القطعة وتتلف بعد مدة ليست بالطويلة.
من جهته، قال الخبير والمحلل الاقتصادي أحمد أبو قمر: إن الأرقام تعكس حجم الكارثة، فمحرك السيارة ارتفع من 6 آلاف شيكل إلى 28 ألفاً، والإطار من 300 إلى 2700 شيكل، والزجاج الأمامي من 300 إلى 4500 شيكل، بينما وصلت كلفة تصليح الفرامل إلى 800 شيكل دون ثمن القطعة.
ولفت أبو قمر إلى أن هذا الغلاء دفع السائقين لرفع أجور المواصلات، الأمر الذي انعكس على عامة الناس، مؤكداً ارتفاع الاحتياطي اليومي للصيانة من 10 شواكل إلى 150 شيكلاً، وقفز سعر زيت المحرك من 9 شواكل إلى 70 شيكلاً حالياً، بعد أن بلغ 500 شيكل خلال شهور الحرب. في المقابل، ارتفعت أقل مواصلة من شيكل واحد إلى 5 شواكل، ما أثقل كاهل المواطنين في ظل البطالة وتراجع الدخل.
وأشار إلى أن الأزمة تتفاقم في ظل سماح الاحتلال بإدخال أقل من 5% من احتياجات السوق من قطع الغيار، معظمها غير أصلية، إضافة إلى "تنسيقات" قد تصل إلى 3 ملايين شيكل للشاحنة الواحدة.