
كتب عيسى سعد الله:
في الوقت الذي ينتظر فيه المواطنون في قطاع غزة بدء الاحتلال بتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الجزئي، والانسحاب من المناطق التي لا يزال يحتلها، يشيّد جيش الاحتلال سلسلة ضخمة من المواقع العسكرية على طول الخط الأصفر شرق القطاع.
وتشاهد من معظم المناطق السكنية في القطاع حركة نشطة للآليات والجرافات العسكرية والمدنية الإسرائيلية التي تقوم بتشييد وبناء هذه المواقع على مدار الأربع وعشرين ساعة يومياً، وسط عمليات كثيفة لإطلاق النار.
ويترافق ذلك مع عمليات نسف جنونية ينفذها الاحتلال في المربعات السكنية التي لا تزال قائمة على طول الخط الأصفر، الذي يخترق وسط الأحياء السكنية شرق مدينة غزة وبلدة جباليا، وبشكل خاص في حيي الشجاعية والتفاح، وعزبة عبد ربه، ومنطقة شارع مسعود والسكة في جباليا.
ولوحظ رفع الاحتلال من مستوى التلال المطلة على مدينة غزة وبلدة جباليا بشكل كبير جداً، يتجاوز ثلاثين متراً، ما يمكنه من مراقبة جميع المناطق الغربية للقطاع، وبشكل خاص في أحياء الشيخ رضوان والرمال والدرج والصبرة في مدينة غزة.
وتعزز قوات الاحتلال هذه المواقع، التي تتركز على تلال الريس والصوراني والكاشف شرق جباليا وغزة، بسلسلة دائرية من الجدران الإسمنتية التي تصل إلى قلب المناطق السكنية.
ويشكك المواطنون، بل يجزمون، بأن قوات الاحتلال لن تقدم على تنفيذ المرحلة الثانية في ظل تعزيزها المتواصل والنشط لعملها ومرافقها العسكرية في معظم المناطق التي لا تزال تحتلها، خاصة القريبة من المكتظة بالسكان.
ولا يزال تنفيذ المرحلة الثانية الحديث الذي يشغل بال المواطنين، لا سيما بعد تنفيذ المقاومة كل ما عليها، وبشكل خاص تسليم الأسرى والجثامين.
وينتظر المواطنون بفارغ الصبر تنفيذ المرحلة الثانية، التي تعني انسحاب قوات الاحتلال من مساحات أخرى تمكنهم من الوصول إلى أراضيهم على الأقل لنصب الخيام فوقها، كما قال المواطن أسعد عبد ربه الذي لم يستطع من الوصول إلى منطقته شرق جباليا كونها شرق الخط الأصفر.
وأشار عبد ربه الذي يسكن في خيمة داخل إحدى المدارس في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، إلى أنه سيقيم خيمته ويسكن في أرضه البالغة مساحتها دونمين في العزبة التي دمرها جيش الاحتلال بشكل دائم.
ولفت إلى أن مشاهد العزبة من بعيد تؤكد عدم وجود أي منزل قائم بل تم تجريف مساحات واسعة من ركام المنازل لإقامة مواقع عسكرية ضخمة فوقها.
وتساءل عبد ربه، في الخمسينيات من عمره: هل ستقوم قوات الاحتلال بتفكيك هذه المواقع التي يشاهدها بوضوح من حي الشيخ رضوان المرتفع نسبياً؟
فيما يرى المواطن هاني صالح، الذي يسكن في حي السلام القريب من تلة الريس شرق جباليا أن عمليات النسف التي تنفذها قوات الاحتلال يومياً في المنطقة الخاضعة لسيطرتها، واستمرار تحصين وإقامة المواقع الجديدة لا توحي بنيتها الانسحاب من المنطقة التي تتواجد فيها أرضه.
وقال صالح، إن تنفيذ الاحتلال المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار يعني انسحابها من منطقته وعزبة عبد ربه المجاورة، ما يمكنه ويمكن آلاف الأسر من السكن بأريحية حتى لو كان ذلك في خيام، في ظل انعدام المساحات الفارغة في المناطق الأخرى.
ووصف صالح، الذي يسكن مخيم حلاوة الذي يقع وسط جباليا، ما يجري في منطقة جبل الريس المطلة بشكل مباشر على المخيم، بالكارثي بسبب تغيير قوات الاحتلال من معالم المنطقة بشكل دائم، وتجريفها حتى ركام المنازل وإقامة سلسلة أسوار تصل إلى شارع صلاح الدين غرباً.
وأكد أن المواطنين سيجدون صعوبات هائلة وربما مستحيلة في تحديد أراضيهم بسبب عمليات التجريف الهائلة التي تعرضت لها.
وعززت الغارات المكثفة التي شنتها طائرات الاحتلال، أول من أمس، على مناطق متفرقة من القطاع، وما رافقها من عمليات اغتيال ومجازر، من مخاوف المواطنين بعدم تنفيذ الاحتلال المرحلة الثانية، التي يرى البعض أنه من شبه المستحيل تنفيذها.