لسان حال الناس اليوم يقول باختصار (خلّونا ببالكم)، بمعنى نحن هنا في الوطن في الحارة، في الشارع الفرعي، في الدكان، على الدوار، نؤثر ونساهم ونشارك، لسنا أرقاماً ولا تماثيل من حجر، لا نريد أشياء كثيرة فقط، اضمنوا تدفق المعلومات حول أوضاع تهمنا ونتأثر بها ونؤثر بها، ولا يجوز أن نجهل الأمر فنؤثر سلبياً فنؤذي انفسنا، لأننا هنا في البلد ولسنا حالة طارئة مؤقتة.
في زمن ما قبل تكنولوجيا المعلومات كنا نصر أن نعرف أكثر، رغم أن إيصال المعلومة كان يمر بمسارات طويلة وأحياناً غير ميسرة، ترى في زمن تكنولوجيا المعلومات الموضوع أسهل، ولكنه يبدو أكثر تعقيداً لأن هناك من يضع أمامه عثرات لغرض في نفس يعقوب.
ويقال لك: تروَّ، الأمر متابَع (تمام)، ولكن لطفاً قولوا لنا ما هو الأمر حتى نكون إيجابيين ونتروّى ونسترخي، لا نريد أن نسمع تفاصيل التحقيق ولا التأثير على العدالة واستقلالية القضاء، ولكن من حقنا أن نفهم ما الذي يدور حولنا.
صحيح أنكم (المسؤولون) ولا ترون مجموعات ضغط وتأثير فاعلة في البلد قادرة على استخدام آليات وأدوات الضغط والتأثير، ولأننا أحياناً كثيرة نبدو كمتسولين للمعلومة أو بعضٍ من الحقيقة، ولسنا أصحاب حق بالحصول على المعلومات في قضايا تعصف بمعايير النزاهة والشفافية وتذهب صوب بوابة الفساد، طبعاً (غلابة) لغياب المجلس التشريعي والقوى، حتى نساعدك رغم أن لديك مساعدين ومستشارين وأحزاباً تدير دفة التأثير والضغط بقوة قواعدها، وهذا الغياب واضح ونحن سعيدون به من حيث لا نعي، وينسحب الأمر على مؤسسات المجتمع المدني التي تتحدث عن الغلاء والفقر والبطالة، وتآكل الدخل وتراجع القدرة الشرائية، والنزاهة والشفافية، وحقوق العمال ومشاركة الشباب، ولكن جميعها لا تؤثر لأنها تفتقد المعلومة ولا تمتلك أدوات التأثير والضغط.
بهدوء تام يستكثر علينا مسؤول مطالبتنا أن نعرف لنشارك، بمعنى أنتم لستم واثقين بنا لصيانة حقوقكم الموضوع (عمي) ليس كذلك، بس بنحب نعرف حتى نكون عوناً لكم، لسان حالهم بلطف شديد: نحن لا نترك شاردة ولا واردة إلا نتابعها، عفواً ها نحن نغرق ولا نعرف كيف غرقنا، ولكننا واثقون أن أساس البلاء الفساد وضعف أدوات المحاسبة والمساءلة، ورفعنا الكرت الأصفر أيام أوج المجلس التشريعي، وأوج قوة القوى والأحزاب، ومؤسسات المجتمع المدني، ولم تكن المعلومات تتدفق كالنهر ولكنها كانت بجهد واجتهاد تصبح متاحة، اليوم لا شيء مما ذُكر أعلاه متوفر ولا باليد.
المصيبة أن ردة الفعل على أي رأي قاسية، وتبدو كأن كل شيء رائع، ولكننا ناكرون للجميل والمعروف. ويصبح مدانا مَن يعلن رأياً فيه تحذير من أخطار قادمة وكأن صاحبه يتطفل على شأن لا يعنيه!!!، صندوق الاقتراع محجوب، الرأي الآخر مضر بمسيرة التنمية، الناس متسرعون، ومنذ سنوات يقال لهم على مهلكم، المجتمع المدني تأثيره متواضع، والإعلام علاقات عامة.
(خلّونا ببالكم) وخبّرونا شو صار بالملفات اللي بتهمنا وبتشغل بالنا حتى لا نبقى تائهين، وكأننا لسنا ذوي صلة ولا أهمية ولا دور.
aya2abd@yahoo.com