تاريخ النشر: 01 تشرين الثاني 2025


آراء
تحوّلات ترامب
الكاتب: عمرو الشوبكي

الدور الأميركي حاسم في مسار الصراع العربي الإسرائيلي وهو الداعم الأول والأكبر لإسرائيل، وقد وصف الرئيس السادات الولايات المتحدة الأميركية بأن في يدها 99% من أوراق القضية، وبصرف النظر عن صحة هذه النسبة، إلا أن دورها الرئيس مؤكد ولا يقبل الشك.
ومع ذلك، فإن التأثير في هذا الدور أمر وارد، وإن التحركات العربية الأخيرة جعلت الرئيس ترامب، الذي كان من السباقين في طرح مشروع تهجير الفلسطينيين من غزة، يتراجع عنه، كما أن إدارته التي سبق واستخدمت حق الفيتو لمنع صدور أي قرار من مجلس الأمن لوقف إطلاق النار، حتى لو لأسباب إنسانية، عادت وفرضت وقف إطلاق النار، ووضعت خطة من 20 نقطة لإنهاء الحرب.
لم يؤمن ترامب بحقوق الشعب الفلسطيني قبل أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة وبعدها، ودعا إلى اجتثاث «حماس» والقضاء عليها بسرعة.. وبعد عامين، اكتشف أنه لا يمكن تحقيق هذه الأهداف إلا بقتل نصف الشعب الفلسطيني، وهو أمر بدا مستحيلاً على العالم كله أن يقبله.
ورغم أن مواقف ترامب وسياساته تقول، إنه آخر زعيم يمكن أن يحرص على إيقاف حرب غزة، فهو رجل يعرف عنه الاهتمام باللقطة والشكل والنرجسية الشديدة، ومع ذلك نجح في صناعة مضمون حقيقي وفرض خطة متكاملة لوقف الحرب.
تحولات ترامب لافتة، فالرجل ظل قبل مؤتمر شرم الشيخ يقول كلاماً عاماً وشعارات فضفاضة، فبعد أن كال الاتهامات لـ»حماس» وتجاهل المجازر التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة وحين أشار إلى الضحايا المدنيين بدا الأمر وكأنهم «ماتوا عادي» أو نتيجة كارثة طبيعية لأن الطرف الذي قتلهم؛ أي إسرائيل، لم يشر ترامب إلى مسؤوليتها مطلقاً، ومع ذلك ضغط عليها لتنفيذ التزاماتها في الاتفاق واحترام وقف إطلاق النار حتى أصبح المشهد الحالي مصنّع أميركياً ووفق رؤية ترامب.
إن خطة ترامب من أجل وقف الحرب على غزة جاءت من شخص لم يحب غزة، ولم يتعاطف مع القضية الفلسطينية، ولكن نرجسيته ورغبته الجامحة في الحصول على جائزة نوبل؛ ليصبح بطلاً عالمياً للسلام، جعلته يتمسك بهذه الخطة وطالب «حماس» بكثير من الالتزامات وإسرائيل ببعضها.
نجحت الخطوة أو المرحلة الأولى من خطة ترامب، وأنهت الحرب، وبقيت مرحلتها الثانية الأكثر صعوبة، والتي ستواجه تحديات كثيرة على الأرجح ستتجاوزها، إلا أن مفارقة هذه الخطة أنها عكست تحولات حقيقية في موقف ترامب أياً كان دوافعها.
إن الرئيس الأميركي الذي سبق وطالب إسرائيل بإنهاء مهمتها وعملها (Job) في غزة، وطالب أكثر من مرة وبصيغ مختلفة بتهجير الفلسطينيين، وتحدث مع زعماء إندونيسيا ودول أخرى لكي يقبلوا بمجيء الفلسطينيين، ثم عاد وتكلم عن الهجرة الطوعية وجهز المال والعتاد لتنفيذ هذه المهمة حتى تراجع عنهما.
فشل مشروع ترامب بسبب الصمود والرفض الفلسطيني والعربي والدولي، فغيّر توجهاته بكل سلاسة وعملية.