تاريخ النشر: 28 تشرين الأول 2025


دفاتر الأيام
نــص ذاتــي جــداً
الكاتب: زياد خدّاش

اعتدت خجلاً على عدم نشر إطراءات طلابي لي، وعلى الحديث عن ابتساماتهم الدافئة الصامتة والمتكلمة في الشوارع.
أرغب في أن أحب زياد هنا، فسامحوني لنشر هذا الحب على حبل هذه الزاوية، فمن جرّب التقاعد حيث الصمت الداخلي الطويل وهدوء الصباح القاتل بعد طول رقص روح وحيوية ذهنية وتدفق قلب بالتأكيد سيعرف حجم هذا النوع من الحسرة الذي يرميه في وجوهنا الزمن.
مثل مضاد حيوي لالتهاب حاد في مشاعري تأتيني وجوه طلابي في الشوارع، لا أتذكرهم لكني أحس بحرارة مشاعرهم ودفء عيونهم وهم يبتسمون لي.
أمس ليلاً. ظل شاب واقفاً على الرصيف يحدق بي بابتسامته اللطيفة، عرفت فوراً من معالمها أنه من طلابي. رفعت يدي له محيياً فأتاني صوته قوياً: شكراً أستاذ.
ربما لا تصدقون أني أحياناً في لحظات انهيار طاقتي أخرج من البيت وأنا أتوسل إلى الله: فقط كلمات دافئة أو ابتسامة من بعيد لطالب قديم عندي لتكفيني هذا المساء. لتنفس هادئ. فلا يخذلني رب العالمين، فيخرجون من المفارق مثل  سيارات إسعاف، يمنحونني الأمل ويغادرون.
هذه المرة فقط اسمحوا لي أن أهدي نفسي في هذه المناسبة المرتبكة كلاماً استثنائياً جميلاً لا ينسى، وجهه لي أحد طلابي السابقين في مدرسة أمين الحسيني بمدينة البيرة وقد فوجئت به حاضراً في ورشة كتابة شارك فيها بعد تخرجه من فرنسا حاصلاً على دراسات عليا في الموسيقى.
وهذا الكلام يمكن أن يشكل درساً لكل معلم يدخل صفاً، فكل حركة أو صمت مفاجئ وكل حرف أو معلومة أو ابتسامة أو ضحكة يتأثر بها الطالب، وقد تغير حياته وتحدد مساراتها.
تذكر أنك أمامه شخص قوي يعرف كل شيء وقادر على كل شيء.
(ذهبت إلى فرنسا لدراسة الموسيقى مدفوعاً بإيقاعات لم تفارق رأسي منذ كنت بالصف الخامس (ج). في صفك يا أستاذ هل تتذكرني؟. كنت تدخل علينا بحركات مسرحية محببة وأنت تصيح: حريةةةة. فنرد عليك كما دربتنا: حب حب حرية؛ حب حب حرية بمشاركة صوت خبطات منتظمة لأيادينا على المقاعد.
من إيقاعاتك يا أستاذ وإيقاع حب وثقة وتشجيع أبي لي.
جاء هوسي بالموسيقى. فشكرااااا).