تاريخ النشر: 24 أيلول 2024

الأولوية للمنظومة الصحية وفتح الطرق والشبكات

وزير الأشغال لـ"الأيام": خطة متكاملة لإعادة الإعمار


كتب سائد أبو فرحة:

 

أكد وزير الأشغال العامة والإسكان عاهد فائق بسيسو، صعوبة تحديد الأمد الزمني، والكلفة المالية اللازمة لإعادة إعمار قطاع غزة، مشددا على أن الأولوية حاليا هي لوقف العدوان الإسرائيلي.
وأشار بسيسو، في حديث خاص لـ"الأيام"، إلى أن الحكومة تتابع أوضاع واحتياجات أهالي القطاع، وتواصل الإعداد لإنجاز عملية الإعمار، والإيواء، والإنعاش المبكر بناء على الخطط المعدة لهذا الشأن.
وقال: الدمار الذي لحق بالقطاع كبير، وربما لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية، عندما وضعت "خطة مارشال" لإعادة إعمار أوروبا، بالتالي نحن هنا بصدد خطط مماثلة، وهناك وعود من البنك الدولي، والاتحاد الأوروبي، والدول المانحة برصد مبالغ كبيرة لغرض إعادة الإعمار.
وقال: هناك تقديرات من مؤسسات دولية، بعضها موجود على أرض القطاع، بخصوص كلفة إعادة الإعمار، أقلها قدر ذلك بنحو 60 مليار دولار فما فوق، لكنني أعتقد أن هذا الرقم سيكون في ازدياد عندما نكون على الأرض، ونكتشف الكم الكبير من الدمار الذي خلفه العدوان الممنهج الهادف إلى شطب الهوية الفلسطينية، ومحو معالم غزة الأثرية.
وبين أن عملية إزالة الركام تمثل تحديا كبيرا، مضيفا "حتى اللحظة الحديث يدور حول 42-45 مليون طن من الركام، موضحا أن مسألة إزالة الركام لا تنفصل عن ملف الإيواء.
وتابع: الحكومة أعدت خطة متكاملة بهذا الشأن، بما يتضمن الإغاثة والإنعاش المبكر.
وأوضح أن الخطة تستند إلى فتح الطرق والوصول إلى الأماكن السكنية المدمرة، وإزالة الأنقاض، مضيفا "عملية إزالة الأنقاض تحتاج إلى برنامج معين، يبدأ بدخول الفرق الهندسية ذات الصلة بالمتفجرات وتفكيكها، لا سيما أن التقديرات تشير إلى وجود ما نسبته 2-3% من المقذوقات غير المنفجرة، ليصار بعدها إلى إعطاء الضوء للفرق الهندسية للتحقق من وضع المباني، وما إذا كانت في حالة دمار شامل أو جزئي، لتحديد آلية التعاطي معها".
واستدرك: هناك معضلة أخرى تتمثل في وجود نحو 20 ألف شهيد تحت الأنقاض، بالتالي لا بد من آلية معينة بحيث يكون هناك طب شرعي، وقضاة شرعيون، لافتا بالمقابل إلى إشكالية أخرى تتمثل في وجود مواد ملوثة تحت الأنقاض.
وأضاف: نحن نتحدث عن ملكيات خاصة، وعندما غادرها أصحابها تركوا مقتنياتهم داخلها من أوراق ثبوتية أو مدخرات، بالتالي ينبغي أن يشرفوا على عملية أخذها من تحت الركام، بينما بالنسبة للعائلات التي محيت بالكامل من السجل المدني جراء استشهاد أفرادها، هناك حاجة لآلية خاصة للتعاطي مع حصر الإرث، وتحديد الملكية والورثة، بالتالي تبرز الحاجة لفرق قانونية للتعامل مع قضايا من هذا القبيل.
وتطرق إلى أن إزالة الركام، ترتبط بعملية فرزه، لتحديد المواد التي يمكن تدويرها والاستفادة منها، لمسائل من قبيل رصف الطرق الزراعية، أو لغايات البناء، أو لحماية شاطئ غزة وتوسيعه لزيادة رقعة أراضي القطاع بناء على دراسات بيئية لهذا الغرض.
ومن ضمن التحديات الإضافية وفقا لبسيسو، مسألة المباني ذات الارتفاعات العالية التي دمرت جزئيا، فإذا لم تتوفر إمكانية استخدامها لغايات الإسكان، لا بد من إزالتها، مضيفا "إزالة مثل هذه المباني قضية معقدة، لأنه عالميا هناك تقنية خاصة لهذا الغرض، تستخدم فيها متفجرات بطريقة معينة لا تؤثر على الجوار، لكنني أعتقد أنه في حالة القطاع، لن يسمح بهذه التقنية، ما يمثل معضلة كبيرة، نعمل على دراستها وحلها".
ولفت إلى معاناة الوزارة من تدمير معظم آلياتها ومعداتها في القطاع، أسوة بسائر البلديات والهيئات الموجودة هناك، بالتالي فإن الوزارة بصدد تقديم طلبات للدول المانحة والهيئات الدولية، لمساعدتها على توفير معدات جديدة لاستخدامها لإزالة الركام، وإعادة الإعمار.
واستذكر ورشة العمل التي نظمتها الوزارة مؤخرا في رام الله، بمشاركة 33 مؤسسة دولية ومانحة لمعالجة وبحث مسألة الركام، مشيرا إلى وجود مذكرة تفاهم مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فيما يتصل بإعادة تدوير وإزالة الركام.
وقال: استضفنا مجموعة خبراء دوليين لديهم تجربة سابقة على صعيد تدوير وإزالة الركام، وخرجنا بمجموعة توصيات محددة خلال الورشة، ونحن بصدد استكمال هذا الملف مع المؤسسات الدولية والأممية والقطاع الخاص، لنتعاون جميعا في إزالة الركام، والبدء بعملية الإيواء، وإعادة الإعمار في القطاع.
ولم يحدد الوزير رقما معينا بخصوص كلفة إزالة الركام، ما عزاه إلى "أنه حتى الآن لا يوجد أحد على الأرض، إلا المؤسسات الدولية، والتقديرات المطروحة تعتمد على صور الأقمار الصناعية، ونحن في الوزارة شكلنا فريقا خاصا لإعادة الإعمار، وهناك فريق آخر مواز على الأرض قوامه 43 من موظفي الوزارة في القطاع، لكن الأرقام التقديرية تشير إلى أن كلفة إزالة الركام لا تقل عن مليار دولار".
وحول المدة الزمنية المطلوبة لإزالة الركام، أوضح أنها تعتمد على التمويل، وتوفر الآليات اللازمة بأعداد وفيرة، والخبرات الضرورية لهذا الغرض.
وقال: هناك مؤسسات دولية قدمت تواريخ ومددا متشائمة لإزالة الركام، من قبيل 10-15 عاما، لكنني أؤكد أن القطاع وأهله لديهم الخبرة والتجربة في عملية تدوير وإزالة الركام، خاصة أنه مرت على القطاع 5 حروب، بيد أنني أعتقد أن عملية إزالة الركام لن تستغرق أكثر من 3-5 سنوات، وربما تكون هناك إمكانية لتسريع هذا الأمر، ما يعتمد على توفر الإمكانات ومن ضمنها التمويل، وطبيعة إدارة والسيطرة على القطاع، وعدم تدخل الطرف الإسرائيلي في قضايا الإعمار.
وقال: نحن على تواصل مع المؤسسات الدولية والأممية، والدول التي لديها خبرة بإزالة الركام، فنحن بالتأكيد لا نملك كل الخبرات اللازمة، لذا نحن بحاجة إلى تعاون دولي لهذا الغرض.
واستحضر الخطة التي أعدتها الحكومة بخصوص الإيواء والإنعاش المبكر، مبينا أن الوزارة على تواصل مع شتى الهيئات الدولية بخصوص مسألة الإيواء.
وأشار إلى القيود والمحددات الإسرائيلية المؤثرة على عملية الإيواء في القطاع، منذ بدء الحصار الإسرائيلي، عبر تحديد قائمة من 400 صنف يمنع إدخالها إلى القطاع، بحجة إمكانية استخدامها لأكثر من غاية، لكنه لفت إلى تواصل الوزارة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بحيث يقوم الأخير بإدخال وحدات تشبه الخيام، لكنها أكثر تطورا لتستخدم لغرض الإيواء.
وقال: دورنا كوزارة هو توفير البنية التحتية لمجمعات الإيواء، ونحن بصدد عمل مثل هذه المجمعات، وقد تم انتقاء 98 موقعا في القطاع من مبان حكومية وأخرى تابعة للأوقاف لاتخاذها كأماكن الإيواء، مبينا أن الحديث يدور عن مجمعات تضم ما بين 1500-4000 نسمة، وتشتمل على أماكن السكن الكريم المؤقت، ومدرسة، وساحة رياضية، ومركز خدمات حكومية، وآخر للشرطة.
وتابع: هذه المجمعات سيكون ساكنوها بجانب من هدمت منازلهم، ليكون سكان الحي غير غرباء عن بعضهم، ما سيساعد بمسألة إعادة الإعمار.
وذكر أن أولويات إعادة الإعمار، تشمل مسارات، مثل ترميم المنشآت الصناعية، وإعادة فتح الطرق، وصيانة شبكات المياه والكهرباء والاتصالات، وتفعيل منظومة القطاع الصحي عبر ترميم المراكز الصحية والمستشفيات، فضلا عن إعادة ترميم المدارس والجامعات، إلى غير ذلك.
وقال: نحن نتطلع إلى إنجاز الإيواء والإنعاش المبكر كما جاء في الخطة التي طرحها رئيس الوزراء في رؤيته لفلسطين واحدة، والتي نتطلع إلى أن يكون فيها جهد استراتيجي وتنسيق مشترك مع وكالات الأمم المتحدة والدول المانحة، ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، بما يشمل أيضا إعادة الإعمار والإنعاش طويل الأجل، والذي سبق أن تناوله رئيس الوزراء، عبر طرح تشكيل هيئة خاصة لإعادة إعمار القطاع.
وأضاف: هناك إجماع دولي على أن الحكومة، هي الجهة المنسقة والرئيسة لأي عملية إعادة إعمار.
وبخصوص المدة المطلوبة لإعادة الإعمار، أشار إلى ضرورة عدم تقديم تقديرات مغلوطة أو متشائمة، بيد أنه أكد أنه "سيكون هناك جهد مضاعف، ومن يعرف أهالي القطاع يدرك ما يميزهم من قوة الثبات والصمود والتحدي، لذا أعتقد أن عملية إعادة الإعمار لن تستغرق وقتا طويلا، لكن كل هذا يعتمد على توفير الدعم والموازنات اللازمة لإعادة الإعمار".
وأضاف: إذا توفرت الإمكانات، من سيطرة الحكومة على تنفيذ خططها، وتنسيقها مع الدول المانحة ومؤسسات الأمم المتحدة والقطاع الخاص، وتوفير الأموال اللازمة والموازنات... فلن تستغرق إعادة الإعمار الأمد الزمني الطويل الذي يطرحه البعض.
وبين أنه لا بد من التوصل إلى حل سياسي، يمنح للشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة، مشيرا إلى اعتقاده بأن الدول الأوروبية والمانحة، لن تقدم على تقديم الدعم لإعادة الإعمار، ما لم تتوفر ضمانات بعدم تكرار التدمير الإسرائيلي مجددا.
وحول ملف الاجتياحات الإسرائيلية المتكررة لمدن الضفة، بما في ذلك المخيمات خاصة في جنين وطولكرم، رأى أنها باتت مسألة ممنهجة من قوات الاحتلال لشطب ملف اللاجئين، موضحا أنه عند البدء بالاجتياحات في شمال الضفة، استنفرت طواقم الوزارة وسائر المؤسسات ذات الصلة، لحصر الأضرار في مدن ومخيمات الشمال، وإعادة ترميم ما تم تدميره.
وقال: هناك دمار كبير على صعيد المباني، فهناك أكثر من 400 منزل تم تدميره في المخيمات بشكل كلي أو جزئي، لكننا حريصون على البدء بعملية الترميم داخلها كي لا نسمح بالنزوح خارجها، بالتالي نحاول ترميم أكبر قدر ممكن من المباني ضمن موازنات رصدتها الحكومة، في إطار خطة إسعافية لمحاولة المساعدة في ترميم مدن ومخيمات شمال الضفة.
وقال: هناك نحو 15% من الطرق في جنين وطولكرم وطوباس تم تجريفها وتدميرها، علاوة على 10% من المباني والمرافق والخدمات العامة، مقدرا كلفة إعادة إصلاح الدمار الناتج عن الاجتياحات بأكثر من 80 مليون دولار، بما يشمل المباني والمدارس وغيرها.
وعن مشاريع الوزارة الحالية والمستقبلية، ذكر أنها تركز على الطرق الرابطة بين المدن ويصل طولها إلى 3600 كم في الضفة، وصيانتها، وتنفيذ مشاريع جديدة في هذا الصدد.
وقال: لدينا داخل الوزارة 80 مشروعا للطرق، مقدمة من المحافظات، (...) ولا يخفى على أحد حجم المشاريع الكبير المطروح على الحكومة، وهي مرحلة من السنوات الثلاث الأخيرة، بعضها ممول من خزينة الدولة وهي بحدود 14 مشروعا بكلفة 450 مليون شيكل، وقد قدمنا موازنة للطرق لوزارة المالية، التي وعدتنا بتقديم دفعات للمقاولين لإعادة تنشيط هذه المشاريع، التي كانت متوقفة خلال الفترة الماضية، ونأمل أن نتمكن خلال العام الحالي من إنجاز المشاريع الموجودة بين أيدينا، للشروع في مشاريع جديدة العام المقبل، ما سيعتمد على الموازنات التي ستوفر لنا من قبل "المالية".
وتابع: لدينا مشاريع طرق تنفذ بسلاسة، وهي تلك الممولة من بنك التنمية الإسلامي، وهي بحدود 7 مشاريع، (...) وقد قدمنا للبنك، والصناديق العربية قائمة بمشاريع جديدة نأمل تنفيذها.
وبين أن هناك مشاريع طرق استراتيجية، تتطلع الوزارة إلى إنجازها مثل الطريق البديل عن وادي النار في جنوب الضفة، وتصل كلفته إلى 70 مليون دولار.
وأوضح أن مشروع الطريق الجديد طرح إبان ولاية الحكومة السابقة للقطاع الخاص لإنجازه، مبينا أن إحدى الشركات طرحت متطلبات، لم يكن بإمكان الحكومة الإيفاء بها، لتغض الشركة الاستثمارية الطرف عن تنفيذه.
ولفت إلى أن الحكومة تسعى لتجنيد تمويل للمشروع، مضيفا "التمويل المطلوب كبير لعاملين، أولهما هناك حاجة لمصادرة أراض بالتالي يجب تعويض أصحابها، أما الثاني فهو الطبيعة الجغرافية الصعبة للمنطقة، لكننا شرعنا بعملية إعادة تقييم للتصميم، لنتمكن قدر الإمكان من خفض موازنته، ونأمل توفر التمويل للبدء بهذا المشروع الاستراتيجي".
أما المشروع الآخر الذي تسعى الوزارة لتوفير تمويل له، فهو مشروع الطريق الموازي لشارع قلنديا الحالي، الرابط بين القدس والبيرة، ويمتد من حي سطح مرحبا حتى دوار بلدة الرام شمال القدس.
وبالنسبة لملف الإسكان، ذكر أن الوزارة تشرف على المباني الحكومية، بما يشمل العطاءات وغيرها، إضافة إلى استكمال بحث ملف مسودة قانون تنظيم الإسكان تمهيدا لإقراره.
وقال: قضية الإسكان ضمن أولويات الحكومة، بالتالي نحن نتطلع إلى توفير إسكان قليل الكلفة لشتى الفئات خاصة الأزواج الشابة، وتنفيذ مشروع تجريبي بهذا الصدد في نابلس، على أرض تملكها الوزارة، ونحن نحث القطاع الخاص على الانخراط بقوة في هذا الشأن، وتعزيز عرى الشراكة فيما بيننا لتخفيف الكلفة على الأزواج الشابة.
واستدرك: نأمل تنشيط دور الوزارة في ملف الإسكان، وحث القطاع الخاص على تغيير سياسته بالتنسيق مع البنوك وسلطة النقد، عبر محاولة إيجاد قروض ميسرة للفئة الشابة.
وقال: نسعى جاهدين مع القطاع الخاص، واتحاد المطورين، إلى تقليل مساحة الوحدات السكنية للأزواج الشابة، أسوة بما يحدث في كثير من البلدان، فالأزواج الشابة لا تحتاج إلى مساحات كبيرة.
وأوضح أن الوزارة تعنى باستمزاج آراء الجهات الصلة فيما يتعلق بمسودة القانون، الذي سيضع الإطار والسياسات العامة لملف الإسكان، مبينا أن المسودة ستعدل وفق ما يطرح خلال المداولات القائمة مع أصحاب الشأن.