
غزة - "الأناضول": بعدما دمّر جيش الاحتلال أكبر بنك للدم في قطاع غزة، خلال حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول الماضي، تفاقمت معاناة المصابين الذين هم بأمسّ الحاجة لوحدات الدم لإنقاذ حياتهم.
"بنك الدم" المدمر كان في مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، الذي تعرض خلال الحرب لعمليتَي اقتحام واسعتين تسببتا بدمار واسع في المستشفى، ما أدى لإخراجه عن الخدمة لفترات طويلة قبل أن يعود جزئياً.
وفي محاولة لسد العجز الذي خلفه غياب بنك الدم، جهز طاقم طبي، كان بعض أفراده يعملون في مستشفى الشفاء، غرفة صغيرة في مجمع الصحابة الطبي بمدينة غزة للتبرع بالدم.
جاء ذلك رغم التحديات الكبيرة التي يواجهها القطاع الصحي خاصة في محافظتَي غزة والشمال، من نقص في المعدات والإمكانيات والأدوية بسبب الحصار المشدد الذي يفرضه الجيش الإسرائيلي.
وخلال الحرب الإسرائيلية على غزة، تعرض مجمع الشفاء الطبي لعمليتَي اقتحام، الأولى في 15 تشرين الثاني الماضي واستمرت لمدة 10 أيام، قتل الجيش خلاله مرضى وأطفالاً خدجاً فيما لم تصدر أرقام رسمية بشأن أعدادهم.
وجرت العملية الثانية في 18 آذار واستمرت لمدة 14 يوماً، وتكشفت عقب انسحاب الجيش مشاهد مروعة من حجم الدمار والقتل الذي مارسه الجنود بحق الفلسطينيين حيث تم العثور على مقابر جماعية وفردية.
محاولة لإغاثة المصابين
الطبيب رامي أبو سيدو، أخصائي مخبري في بنك الدم، كان يعمل في مجمع الشفاء الطبي، قال: إنهم جهزوا مختبر دم في مجمع الصحابة بمدينة غزة، لتقديم الإغاثة والمساعدة للمصابين الذين يفقدون الدم.
وأضاف: إن ذلك جاء بعدما تعرض "مجمع الشفاء الطبي وبنك الدم المركزي لهجوم قوات الاحتلال".
وأوضح أنهم يجمعون كميات قليلة من الدم يومياً بمعدل 20-30 وحدة، قائلاً: "هذا عدد قليل جداً مقارنة بعدد الإصابات التي تصل للمستشفيات".
وشدد على وجود "نقص حاد في المعدات الطبية نتيجة تدمير الاحتلال بنك الدم المركزي في مستشفى الشفاء".
وقال عن ذلك: "نفتقد إلى مقاعد سحب الدم، وثلاجات لحفظ الدم في درجات حرارة سالب 80 درجة مئوية، ومستلزمات أخرى".
وأشار إلى أن قدرة هذه الغرفة المجهزة بإمكانيات بسيطة، على سحب الدم "لا تتجاوز 10 بالمئة مما كان يمثله بنك الدم الرئيس في مجمع الشفاء".
التبرع بالدم رغم سوء التغذية
ولفت الطبيب أبو سيدو إلى أن المتبرعين بالدم يعانون من سوء التغذية بسبب نقص الغذاء شمال قطاع غزة، مبيناً أن المتبرعين يشعرون بدوار بعد التبرع نتيجة نقص السوائل.
وبالعادة يمنع الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية من التبرع بالدم، لكن الوضع الاستثنائي الذي أفرزته الحرب يجبر هؤلاء الأشخاص على التبرع من أجل إنقاذ حياة المصابين.
ويعاني سكان محافظتَي غزة والشمال، الذين يبلغ عددهما أكثر من 700 ألف نسمة وفق بيانات رسمية، من سوء تغذية جراء المجاعة التي ضربت المحافظتين بسبب منع إسرائيل دخول المواد الغذائية والمساعدات الإغاثية والإنسانية إليهما إلا بشكل شحيح جداً لا يلبي الحاجة.
وذكر أبو سيدو أن بعض فئات المرضى مثل "مرضى سرطان الدم والثلاسيميا والفشل الكلوي، يحتاجون أسبوعياً إلى كميات كبيرة من الدم، وهي غير متوفرة في القطاع".
ووفقاً لإحصائيات صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإن نحو 10 آلاف مريض سرطان في القطاع مهددون بالموت جراء تبعات نقص الدواء والغذاء بفعل الحرب الشرسة، بينما حذرت وزارة الصحة مراراً من خطورة نقص الأدوية والمستلزمات الطبية على مرضى الفشل الكلوي.
وقال أبو سيدو: إن عدد وحدات الدم المتوفرة في المختبر الجديد يبلغ نحو 100 وحدة، لافتاً إلى حاجتهم لنحو 600 وحدة إضافية تحسباً لتعرض أي منطقة لقصف إسرائيلي، ما قد يتسبب بمجزرة ويخلف أعداداً كبيرة من المصابين، وفق قوله.
من جانبه، يقول سلمان المشهراوي وهو أحد المتبرعين بالدم: إن المتبرعين يعانون من سوء التغذية حيث يعتمدون على غذاء غير صحي مثل المعلبات.
وتابع: "القطاع يفتقر لوجود الخضراوات واللحوم والفاكهة التي تبني جسم الإنسان وتحافظ عليه".
وأشار إلى أن نقص وحدات الدم في غزة، تتسبب بـ"استشهاد المصابين الذين هم بحاجة لنقل دم".