تاريخ النشر: 26 تشرين الثاني 2025

"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من قلب المعاناة في القطاع

 

كتب محمد الجمل:

 

تواصل "الأيام" رصد مشاهد جديدة من قطاع غزة، بعد مرور أكثر من شهر ونصف الشهر على بدء تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، والذي ما زال في مرحلته الأولى، خاصة في ظل استمرار خروقات الاحتلال للاتفاق، ومعاناة النازحين.
ومن بين المشاهد الجديدة التي رصدتها "الأيام" مشهد يرصد تحويل الاحتلال بلدة بني سهيلا إلى مصيدة لأبناء خان يونس، ومشهد آخر يوثق ابتزاز الاحتلال للطبيب المعتقل مروان الهمص من خلال ابنته الحكيمة تسنيم، ومشهد ثالث يسلط الضوء على تحول الأطفال لضحايا متفجرات الاحتلال.

 

بوابة الشرقية مصيدة الاحتلال لأبناء خان يونس

تحولت بلدة بني سهيلا أو كما تُسمى محلياً "بوابة الشرقية"، كونها مدخلاً لجميع بلدات شرق خان يونس، إلى ساحة من الدمار والخراب، وهُجر سكانها منها قسراً منذ أشهر طويلة.
ولم يكتف الاحتلال بتدمير البلدة التي كانت إحدى أجمل وأرقى بلدات محافظة خان يونس وتحويلها إلى مكان بائس، بل ضمّها لما تسمى "المناطق الصفراء"، وحرم سكانها من العودة إليها، وحوّلها إلى مصيدة متقدمة، يقتل ويجرح فيها كل من يحاول الدخول إلى بلدات شرق المحافظة.
ولا يكاد يمر يوم دون الإعلان عن سقوط شهداء وجرحى في البلدة المذكورة، بعد استهدافهم من المُسيّرات والدبابات، كان آخرهم شابان سقطا أول من أمس.
ويقول المواطن إبراهيم عوض، وهو من سكان شرق خان يونس: إن أي شخص يحاول الوصول لبلدات شرق خان يونس، سواء عبسان، أو خزاعة، أو غيرها، يجب أن يمر عبر بلدة بني سهيلا، والاحتلال يعرف ذلك جيداً لذلك نشر في البلدة مصائد الموت.
وأوضح عوض أن المُسيّرات الإسرائيلية تُحلّق بكثافة في سماء البلدة، بينما يُسيطر عليها قناصة من خلال تمركزهم في مناطق مرتفعة، ورافعات "أبراج آلية"، حيث يتعرض كل من يصل البلدة لإطلاق نار أو استهداف مباشر.
وأكد أن المواطنين يواصلون محاولاتهم الوصول لمنازلهم شرق خان يونس، فهذا يريد جلب بعض الاحتياجات من منزله، وذاك يريد الاطمئنان على منزله، وثالث ذهب للبحث عن قريب أو صديق فُقد شرق المحافظة، والحصيلة شهداء وجرحى بشكل يومي.
بينما قال المواطن ياسر هاشم: إنه نجا من الموت بأعجوبة بعد أن وصل إلى مناطق شرق خان يونس، موضحاً أنه بعد دخوله بلدة بني سهيلا من ناحيتها الغربية بدت الأمور هادئة، والطريق ممهدة لمواصلة التقدم، لكن خلف هذا الهدوء كان هناك شرك يحاك له ولكل من يحاول دخول البلدة.
وأوضح أنه بعد أن تقدم عشرات الأمتار، سمع أزيز رصاصة تمر من فوق رأسه، لدرجة أنه شعر بها تلامس شعره، فارتمى أرضاً، فكانت رصاصة ثانية وثالثة، لكنه لم يصب، فهرب باتجاه مبنى مدمر، واختبأ بين الحجارة، ثم بدأ يتراجع تدريجياً حتى غادر المنطقة.
وأكد أن الاحتلال انتهج سياسة جديدة، تتمثل بقتل كل من يصل إلى المناطق الصفراء بشكل عام، وبلدات شرق خان يونس على وجه الخصوص، وعدد الشهداء والجرحى اليومي دليل على ذلك.

 

الاحتلال يبتز الطبيب الهمص عبر ابنته

لا يزال الطبيب مروان الهمص وابنته الحكيمة تسنيم، اللذان اختطفا على يد مليشيا متعاونة مع الاحتلال من قلب مدينة خان يونس في حادثتين منفصلتين، يتعرضان للتعذيب الشديد في سجون الاحتلال.
ووفق مصادر عائلية، فإن الطبيب الهمص الذي يخضع لتحقيق قاس منذ تموز الماضي، وفي إطار الضغط عليه، جرى اختطاف ابنته الحكيمة تسنيم، من أجل ابتزازه.
وأكد المركز الفلسطيني للدفاع عن الأسرى أنه حصل على معلومات موثقة، تؤكد استخدام سلطات الاحتلال المعتقلة الممرضة تسنيم مروان الهمص كأداة للضغط والابتزاز.
وأوضح المركز أن العملية هدفت لإجبار والدها الدكتور مروان على تقديم أقوال واعترافات تخدم رواية الاحتلال في قضايا معينة.
وأوضح المركز أن السلوك الإسرائيلي في استخدام ذوي الأسرى والمعتقلين كرهائن وأدوات ابتزاز وضغط وترهيب، يعكس مستوى الانحطاط والتخبط الذي وصلت إليه الأجهزة الأمنية والعسكرية والسياسية الإسرائيلية.
وأشار المركز إلى أن حادثة اختطاف الممرضة تسنيم لم تستدعِ موقفاً واحداً من المجتمع الدولي، ومن قبلها عملية اختطاف والدها من مكان عمله.
وقال المركز: إن ما يمارس بحق هذه العائلة يؤكد مجدداً أن الاحتلال ماض في استخدام أسلوب العصابات ولغة العربدة وشريعة الغاب في التعامل مع الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين.
ودعا المركز إلى الكشف الفوري عن مكان احتجاز واختطاف الممرضة الهمص ووالدها، مطالباً بالإفراج الفوري عنهما.
وسبق أن نفت عائلة الطبيب الهمص مزاعم إسرائيلية حول علاقته بقضية الجندي الإسرائيلي القتيل هدار غولدن، مطالبة بالإفراج عنه وعن ابنته الممرضة تسنيم.
وأكدت عائلة الهمص أنه لا علاقة له إطلاقاً بما يزعمه الاحتلال بخصوص ما يُعرف بقضية هدار جولدن أو أي ادعاءات أخرى مرتبطة بهذا الملف.
وقالت العائلة: إن "الطبيب الهمص، الذي يشغل منصب مدير عام المستشفيات الميدانية بوزارة الصحة، لم يكن في يوم من الأيام طرفاً في أي عمل خارج إطار مهنته كطبيب".
وأضافت: إنه حتى اللحظة، لا يزال الدكتور مروان ممنوعاً من زيارة محاميه، كما تم تحويل ابنته تسنيم إلى الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة، وهو ما يُعد انتهاكاً صارخاً لمبادئ العدالة وحقوق الإنسان.

 

الأطفال ضحايا متفجرات الاحتلال

لا تزال الأجسام الخطرة، والقنابل والصواريخ وبقاياها، الخطر الأكبر الذي يهدد أمن وسلامة المواطنين في القطاع، خاصة الأطفال، لا سيما بعد تكرار حوادث انفجارها بصورة كبيرة.
وخلال الساعات الماضية، أصيب 4 أطفال بجروح متفاوتة، جراء انفجار جسمين من مخلفات الاحتلال في حادثتين منفصلتين، في حيَّي التفاح والشاطئ شرق وغرب مدينة غزة.
وأكد الدفاع المدني أن المخلفات الإسرائيلية غير المنفجرة داخل قطاع غزة لا تزال تشكّل خطراً كبيراً يهدد حياة المواطنين يومياً، خاصة بعد تكرار إصابة مواطنين إثر انفجارها.
وطالب الدفاع المدني المؤسسات الأممية والدولية بالتحرّك الفوري لإنهاء هذه المعاناة المتواصلة التي يعيشها الفلسطينيون داخل قطاع غزة، وحماية المدنيين من الموت الكامن تحت الركام وفي الأراضي المدمرة.
بينما أكد إسماعيل الثوابتة، مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي، أن التقييمات الرسمية الأولية تُشير إلى وجود نحو 20,000 قطعة من صواريخ وقنابل وذخائر ضخمة بين الأنقاض وعلى السطح وفي التربة.
وأكد أن هذا الخطر الكبير يحوّل كل منطقة مدمّرة إلى "حقل ألغام غير مرسوم" يُهدّد المدنيين وعملية الإغاثة وإعادة الإعمار.
بينما حذرت منظمة "هانديكاب إنترناشونال" من مخاطر الذخائر غير المنفجرة في غزة، والتي تشكل خطراً على النازحين العائدين إلى ديارهم في القطاع المدمّر، مطالبة بالسماح بإدخال المعدات اللازمة لإزالة الألغام.
وقالت آن - كلير يعيش، مديرة المنظمة في الأراضي الفلسطينية: إن المخاطر هائلة، والتقديرات تشير إلى أنّ حوالى 70,000 طن من المتفجرات سقطت على غزة منذ اندلاع الحرب.
وحول أنواع المقذوفات، أكدت مصادر مطلعة أن هناك قنابل مُسقطة جواً من نوع MK أميركية الصنع، من طراز 84، و83، و82، و81 ويتراوح وزن الواحدة منها ما بين 250 -1000 كغم، إضافة إلى قذائف مدفعية، وصواريخ موجهة، ومتفجرات لينة "على شكل عجينة"، وأخرى سائلة موجودة في "غالونات"، وألغام تُستخدم لنسف المنال، وطلقات مُتعددة الأحجام، وأنواع أخرى، جميعها تشكل خطراً على المواطنين.