تاريخ النشر: 24 تشرين الثاني 2025

اليأس يتسلل لنفوس الغزيين في ظل حالة اللاحرب واللاسلم

 

كتب خليل الشيخ:

 

"الواحد مش عارف أيش اللي قاعد بيصير، مرة بنسمع وقف إطلاق نار، ومرة الناس بتموت وبتتصاوب في الشوارع والبيوت"، هكذا لخص المواطن "أبو عمر" الشرفا واقع الحال في قطاع غزة، بعدما نفذت قوات الاحتلال عدة حوادث قصف راح ضحيتها أكثر من 20 شهيداً، وأصيب العشرات في مناطق مختلفة من قطاع غزة، أول من أمس.
وقال الشرفا: "الناس مش عارفة احنا بحرب ولا وقف حرب، مرات بقولوا هدنة ومعادش في قصف، ومرات بقولوا اليهود بقصفوا السيارات وبقصفوا المنازل فوق رؤوس ساكنيها"، مستهجناً الظروف الأمنية التي يمر بها المواطنون الباحثون عن تدبير أمورهم، رغم نتائج العدوان الكارثية عليهم.
وأوضح "أبو عمر" الذي تجاوز الأربعين عاماً، أن ما يجري في قطاع غزة فوق احتمال وقدرة المواطنين، معرباً عن تخوفه من الإجراءات الجارية في القطاع وضبابية الرؤية المستقبلية.
من جهته، قال الشاب ياسر الديب (33 عاماً): "كنا بالقرب من مفترق العباس في مدينة غزة، وفجأة قصفوا سيارة جيب واستشهد عدد من الركاب وأصيب عدد آخر من المارة"، مشيراً إلى أن القصف كان بشكل فجائي، وأصيب جميع المارة بصدمة عصبية نتيجة قوة الانفجار.
وأضاف الديب، وهو أحد شهود العيان على حادثة قصف الجيب: "لم تكن هناك أي أخبار تشي بقرب قصف أو توقعات بالتصعيد"، متسائلاً: كيف يمكن العيش بهذه الظروف؟
"في الوقت الذي ننتظر الدخول للمرحلة الثانية، وإمكانية تحسن الوضع، تفاجأنا بقصف في غزة والنصيرات ودير البلح"، قال النازح ناهض أبو عودة (48 عاماً) الذي أعرب عن يأسه من التصعيد الأخير.
وأضاف أبو عودة: "تركت مكان سكني الأصلي في بيت حانون منذ أكثر من عامين، وبعد انتهاء الحرب أنتظر العودة إليها مرة أخرى، لكن ما يجري في غزة لا يشي بقرب انفراج الأزمة"، موضحاً أنه يتابع الأخبار جيداً، لكنه لم يعد يأمل بالتحسن، خاصة بعد انتشار أنباء عن عدم تمكين السكان من العودة إلى منازلهم المدمرة الواقعة شرق القطاع.
ويسود اليأس الممزوج بضبابية المستقبل نفوس المواطنين، الذين نزحوا من المناطق الشرقية لقطاع غزة، بسبب تضارب الأنباء حول ما سيحدث في الأسابيع القادمة، وسط تساؤلهم: "لوين رايحة البلد؟ وإيش اللي ممكن يصير فينا؟ وإيمتى بدنا نرجع لمناطقنا؟
ويتابع هؤلاء تصريحات السياسيين بشأن مستقبل قطاع غزة، وسط إشاعات حول تقسيم القطاع إلى مناطق تسيطر عليها "حماس" وأخرى تحت السيطرة الدولية، فيما ستبقى مناطق حدودية تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية.
وقال "أبو عودة" الذي بدا متحمساً للعودة إلى بيت حانون: "ما يهمنا هو استقرار الوضع وتوقف القصف المفاجئ وسياسة الاغتيالات، وتمكيننا من إعادة بناء منازلنا وممارسة عملنا".
وتكثر تساؤلات المواطنين حول تفاصيل الاتفاق الذي وقع قبل نحو شهر ونصف الشهر، وماهية الإجراءات التي سيتم اتخاذها فيما لو دخلت قوات دولية إلى القطاع.
وأعرب المواطن إسماعيل شاهين (50 عاماً) عن تخوفه من الترتيبات الجديدة، متسائلاً: هل هذه القوات هي قوات احتلال جديدة أم قوات لترسيخ الهدوء وتثبيت وقف إطلاق النار؟
وقال شاهين: "سمعنا عن قرب وصول هذه القوات إلى غزة مطلع العام القادم، لكننا لا نعلم طبيعة عملها ولا كيفية تعاملها معنا، وهل ستضبط الأمن بدلاً من حماس أم لا".
وأجمع مواطنون آخرون على أن غالبية الناس يعيشون في مستقبل مجهول، ولا يعلمون مَن سيحكم غزة، وكيف سيعيدون بناءها، ومن سيتولى أمور إعادة حقوقهم التي سلبتها إسرائيل، وتعويضهم عن الخسائر التي لحقت بهم خلال الحرب.