تاريخ النشر: 19 تشرين الثاني 2025

أطفال غزة يقتنصون لحظات فرح بين أنقاض الحرب

 

كتب عيسى سعد الله:

 

وصل العجز عند الأطفال في العثور على ملاهٍ او مرافق العاب في المناطق المدمرة الى تحويل ركام البيوت المدمرة وأسقفها المائلة ذات الملمس الناعم الى اراجيح والعاب للانزلاق كأنهم يخترعون من بين أنقاض الحرب لحظة فرح مؤقتة تنتصر على الألم وتقاوم الخراب.
ولم يأبه هؤلاء الأطفال بالارتماء والانزلاق من على سقف شديد الميول رغم بروز قضبان الحديد الحادة والخطرة في مغامرة لا تتجاوز أربعة أمتار ولكنها كانت كفيلة بإثارة ذهول المارة ودهشتهم من جرأة الطفولة حين تتحدى الخطر لتنتزع لحظة فرح.
المواطن مصعب عبد الرؤوف وقف عاجزاً عن اقناع ابنه الطفل عبد الكريم ست سنوات بالنزول عن سطح المنزل، الا ان الطفل اصر على مواصلة اللعب برفقة مجموعة من اقرانه غير مكترثين بخطورة المكان ولا بنداءات والده القلقة.
واضطر عبد الرؤوف الى تسلق السطح وسحب ابنه لتجنيبه خطر داهم يتمثل في سقوطه على الردم ما يؤدي الى اصابته باصابات خطرة.
وقال عبد الرؤوف لـ"الأيام" انه ومن خلال مراقبة تصرف الأطفال على السطح المجاور لخيمته فإن رحلة الانزلاق عادة ما تنتهي بارتطام الأطفال بكومة من الحجارة وقطع الباطون التي تبرز منها قضبان حديدية حادة.
واثار تصرف الأطفال الذين لا يبالون بنداءات ونصائح المواطنين الكبار ذهولا وقلقاً في عيون المارة الذين يكتفون بالمراقبة بصمت عاجزين عن منع الخطر او انتزاع الفرح من الصغار.
ورغم مخاوفه على مصير ابنه الا ان المواطن موسى عيد يتفهم اقدام أطفاله الثلاثة على المغامرة وتسلق السطح الذي يجاور خيمتهم.
ويكتفي عيد بمراقبة أبنائه وتوجيههم بما يضمن تجنيبهم الإصابات الخطرة.
وقال عيد لـ"الأيام" انه لا يستطيع حرمان أبنائه من اللعب رغم المخاطر الكبيرة التي تنطوي على تواجدهم في هذا المكان الخطر، بسبب غياب أي مرافق للعب واللهو للأطفال في منطقة جباليا المدمرة بشكل كامل.
وأوضح انه يريد ان يمنح أبناءه الفرصة للهو واللعب والتخفيف من الأعباء النفسية الخطيرة التي سببها العدوان المتواصل على القطاع منذ اكثر من عامين.
فيما يرى المواطن مدحت عمر بالهدوء النسبي فرصة للأطفال للتفريغ عن انفسهم واللعب بما هو متاح من مرافق لعب حتى لو كانت على ركام المنازل الخطيرة.
وأوضح ان العدوان لم يترك للأطفال غير الركام لممارسة بعض الألعاب التقليدية كالانزلاق من فوق الاسطح المائلة ونصب الاراجيح والغميضة وغيرها من الألعاب الأخرى.
ويتفهم عمر لعب أبنائه فوق واسفل الركام المنتشر في كل مكان من حوله، مبيناً ان الظرف لم يحن لمنع الأطفال من ممارسة هذا النوع من اللعب.
اما المواطن حمزة الحاج علي فقال انه لا يملك المال اللازم لاصطحاب أبنائه لشاطئ البحر او للتنزه في مناطق اقل خطورة في مناطق المحافظة الوسطى.
وأضاف الحاج علي لـ"الأيام" انه يكتفي بتوجيه أبنائه للعب ومراقبتهم لتجنب الحاق الأذى بهم، مؤكداً ان تركهم يلعبون لوحدهم ينطوي على خطورة كبيرة.
وطالب المؤسسات بتنظيم جلسات ترفيه للأطفال في المناطق المدمرة وعدم الاكتفاء بتنظيمها في مراكز ومخيمات الايواء المعروفة او في المناطق التي يسهل الوصول اليها.
ويشتكي الحاج علي من تهميش المؤسسات لمنطقتهم المدمرة والواقعة وسط بلدة جباليا التي تعرضت لدمار هائل.