تاريخ النشر: 05 تشرين الثاني 2025

الكاتبة والروائية دعاء زعبي تستعيد "ذاكرة الأماكن" في رام الله

 

كتب يوسف الشايب:

 

احتضنت "عليّة" مركز خليل السكاكيني الثقافي بمدينة رام الله، مساء أول من أمس، الكاتبة الروائية الفلسطينية دعاء زعبي، في حوارية حول سيرتها الأدبية والإبداعية، أدارتها الإعلامية نضال رافع، كاشفة فيها عن العلاقة العميقة بين ذاكرة الكاتبة الشخصية ونصوصها الروائية، لا سيما علاقتها بالأمكنة، وبينها مدينة رام الله، التي شكلت جزءاً من طفولتها.
استهلت الأمسية بقراءة رافع لنص وصفي كتبته زعبي حول ذاكرتها عن مدينة رام الله في أوائل سبعينيات القرن الماضي، حين كانت المدينة "المكان الأمثل لقتل الصيف" وملاذاً من الحر الشديد في مسقط رأسها الناصرة.
واستحضرت الكاتبة ذكريات "فندق ميامي"، الذي كان وجهة العائلة صيفاً، إلى جانب بحيرة طبريا، واصفة كيف كانت رام الله آنذاك تمثل "فرحاً كبيراً ولقاءات مرتقبة".
في المقابل، تحدثت زعبي عن سعيها الحالي للبحث عن تلك المعالم، قائلة: "واليوم حين أزور رام الله.. أبدأ، لا شعورياً، بالبحث عن ميامي"، لتجد أن الفندق لم يتبقَ منه "أي شيء يذكر سوى ذكرياتي معه"، وأن "أماكن استُبدلت بأخرى وأسماء بدلت جلدها بآخر".
واستعادت زعبي من الذاكرة، أنها، وخلال إحدى زيارات العائلة لرام الله، كانت هي وابنة خالتها تتابعان مسلسلاً اسمه "بيتون بليس"، حيث لم يكن ثمة تلفزيون في مكان إقامتهن، لذا قررتا أن تتركا الأهل دون إخبارهم، وتذهبا للبحث عن بيت لمشاهدة المسلسل.. وجدتا بيتاً، قرب متنزه بلدية رام الله، فاستقبلهما أهله، واكتشفتا أن لديهم حفلة عيد ميلاد، فجلستا معهم: "طعمونا الكيكة، وحضرنا بيتون بليس".. وعندما عادتا، وجدتا أن "الأهل قايمين القيامة" بحثاً عنهما.
وأوضحت زعبي، وهي معلمة تاريخ سابقة من الناصرة، أن مسيرتها الأدبية بدأت "في سن متأخرة نسبياً"، وأن "ذاكرة الأماكن" هي التي دفعتها للكتابة.
وكشفت عن القصة المُلهمة التي كانت بمثابة "الانفجار" الذي قادها إلى التأليف، حيث روت حكاية صديقة طفولتها "نوال" في الناصرة، التي انقطعت أخبارها تماماً في الصف الخامس بعد أن هاجرت عائلتها، وهي من الطائفة الشيعية في الناصرة، إلى لبنان.
بعد أكثر من ثلاثين عاماً، كانت دعاء وعائلتها في زيارة لمدينة أريحا، وتحديداً إلى منزل سفير فلسطين لدى فيتنام، وقتذاك، وهناك، وأثناء حديثها عن ذكرياتها، اكتشفت بالصدفة أن زوجة السفير، التي كانت تحضر الضيافة في المطبخ، هي نفسها صديقتها المفقودة نوال.. "روّحت"، ومن هناك بدأت رحلتي مع الكتاب، فقد شعرت أن كثيراً من الأمور تغيّرت لديّ.
أكدت زعبي أن لديها "رسالة يجب أن تستمر" و"هدف" من الكتابة، التي وصفتها بأنها معركتها الشخصية، مشيرة إلى أنها أيضاً كانت "نوعاً من العلاج"، ووسيلة "رد اعتبار لنفسها"، مشددة على حرصها بالابتعاد الدائم عن "النمطية" و"التكرار"، والعمل على خلق "إثارة" لدى القارئ.
وتطرقت الحوارية إلى أعمال الكاتبة الثلاثة التي صدرت تباعاً: "خلاخيل" (2017)، وهو كتابها الأول وضم مذكرات ونصوصاً نثرية، و"جوبلين بحري" (2021)، روايتها الأولى التي احتُفي بها في عدة مدن منها عمّان ورام الله، موضحة أن هذه الرواية كانت "عن وعي تام"، وهدفها تسليط الضوء على قضايا "فلسطينيي الداخل"، ومعاناتهم في الالتحاق بالجامعات الإسرائيلية واضطرارهم للسفر إلى الخارج، وروايتها الأحدث "لتكن مشيئتك" (2025): ووصفتها بأنها "رواية الوجع الإنساني"، مشيرة إلى أنها تتناول موضوعاً لم يُطرق كثيراً في الأدب الفلسطيني، وهو "طيف التوحد" (الأوتيزم)، وتأثير ولادة طفل "مختلف" على العلاقات الأسرية والزوجية.
وشهدت الحوارية مداخلات من الحضور حول دور الكاتب في المقاومة، وهوية الرواية الفلسطينية، وتحديات الكتابة في ظل الواقع السياسي المعقد.