من يقرأ أسامة بن لادن، يجد في أغلبية خطاباته وتوجهاته، التقدير لمكانة ودور شيخه عبد الله عزام، الذي ترك الأردن، مدرساً في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية، وموقعاً قيادياً في حركة الإخوان المسلمين، ليؤدي واجبه المبكر، في قيادة حركة المجاهدين الأفغان، ومقاومة الاحتلال السوفيتي.
ومن يقرأ أبو بكر البغدادي (إبراهيم البدري) خليفة المسلمين، وقائد تنظيم الدولة الإسلامية، «داعش» المنشق عن تنظيم وحركة القاعدة، يجد التقدير المتدرج من أسامة بن لادن نحو أبو مصعب الزرقاوي (فضيل الخلايلة) ودورهما في ولادة القاعدة وقيادتها سواء على المستوى الدولي للأول، أوعلى صعيد بلاد الرافدين للثاني، بدون ذكر لأيمن الظواهري، وتناسي دوره أو ذكر اسمه.
وسواء نحو عبد الله عزام، من قبل أسامة بن لادن، أو نحو أبو مصعب الزرقاوي من قبل أبو بكر البغدادي، ففي الحالتين يبرز الدور الأردني، في مكانة وولادة القاعدة على المستوى الدولي، وفي مكانة الدور الأردني في ولادة تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، ويتعزز ذلك بوضوح أكبر في مكانة واجتهادات ورسائل أبو محمد المقدسي وأبو قتادة في الأردن، من طرف تأييدهما لتنظيم القاعدة وأميرها أيمن الظواهري، أو من طرف الطحاوي وأبو سياف الشلبي وتأييدهما لتنظيم الدولة الإسلامية وخليفتها أبو بكر البغدادي، فالانقسام والانشقاق الذي اجتاح «القاعدة» بخروج «داعش» من رحمها، لم يقتصر على سورية والعراق بل شمل جميع فروع «القاعدة» في العالم.
حصيلة ذلك، أن الدور الأردني مبادر ومقدر سواء في تنظيم القاعدة أو لدى «داعش» أو داخل حركة الإخوان المسلمين، أو حزب التحرير الإسلامي وأميره الأردني عطا الرشتة، على المستوى الدولي، وجميعها مظاهر ملموسة تعكس الدور القيادي الأردني لدى التنظيمات الإسلامية العابرة للحدود في العالم العربي، ومشاركة الأردنيين لها وقيادتهم لتنظيماتها.
والتنظيمات الخمسة تعيش اليوم حركة صراع، بينية ومزدوجة، فهي مجتمعة ومن طرف واحد تخوض صراعاً دموياً ضد الأنظمة العربية، ذات الطابع المحافظ غير الديمقراطي، أو ضد التنظيمات اليسارية والقومية والليبرالية، ولكنها في نفس الوقت تخوض صراعاً لا يقل دموية بل ويزداد شراسة ضد بعضها البعض.
فالصراع في سورية والعراق، ضد نظامي الحكم القائم فيهما من قبل «القاعدة» و»داعش»، يترافق مع صراع مباشر أيضاً ضد بعضهم البعض، وبشكل خاص بين «القاعدة» و»داعش» وولاية الفقيه، تارة ضد الشيعة وتارة ضد المسيحيين وتارة ثالثة ضد المسلمين السنة، وما يجري في سورية والعراق يمتد إلى اليمن، بشكل أكثر دموية بين ولاية الفقيه والمعبر عنها بتنظيم أنصار الله أو الحوثيين، وبين «القاعدة»، أنصار الشريعة، وبين الإخوان المسلمين حزب الإصلاح من طرف ثالث، وثلاثتهم يعملون على تجنيد القبائل والأحزاب الأخرى، لخوض المعارك ونيل النصرة، بواسطة المال أو البحث عن النفوذ، أو لتحاشي الأذى، في مواجهة الأطراف الأخرى، وهكذا يتواصل الصراع بعناوين مختلفة، ولكنه أساساً بين التنظيمات الإسلامية الرئيسية العابرة للحدود: ولاية الفقيه و»القاعدة» و»داعش» وحركة الإخوان المسلمين.
h.faraneh@yahoo.com