هنالك في نهاية كل عام، نحوصل ما حدث لنا كفلسطينيين، نستذكر الشهور الفائتة من العام، ونحاول ان نستحضر الأمل المأمول. كنا وفي نهاية كل عام نسمي العام القادم، بأمل وبعبارات مشرقة واضحة، نسميه مثلاً عام الصمود والانتصار، او عام الاستقلال .. وغيرها من اسماء. كنا نستذكر معاركنا وشهداءنا. ما اخفقنا به وما حققناه من انجازات. في هذا العام، نستذكر مسلسل العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، وما خلفه من دمار وشهداء .. نستذكر مصادرات الاراضي والاستيلاء على المزيد من اراضي القرى والبلدات، جثث الفلسطينيين السوريين على شواطئ البحر الابيض المتوسط.
نستذكر ذلك بألم دفين وعميق، نستذكره بصمت ونحن نعلم بأن من ماتوا غرقا، ماتوا بسبب ما تعرضوا له من عدوان مزدوج.. من المعارضة والنظام في آن، ولأسباب شتى، ابرزها ظلم ذوي القربى، منا نحن الفلسطينيين، ومن فصائل تسمي نفسها فصائل وطنية، ولا تزال تحت مظلة م.ت.ف.
ما بين هذا الاتجاه وذاك، ضاعت حقائق وأرواح وبيوت وشوارع، وأضحت الأكثرية الساحقة، على قارعة الطريق، تبحث عن حياة ولا تجدها، ولا تجد منفذا مأمولاً مما هي فيه من حالة انهيار شبه كامل.
لم يعد الفلسطيني في مخيمات سورية، يفقد شيئاً في حالة هروبه تجاه البحر، آملاً الوصول لشواطئ آمنة في الدول الأوروبية. هو يهرب من الموت الى الموت، لعله يجد منفذا نحو الحياة. الفلسطينيون في تلك المخيمات عاتبون، خاصة في مخيم اليرموك، الذي اضحى لساحات قتال دامية ما بين النظام ومعارضيه، خاصة من النصرة والقاعدة وغيرهم، واخيراً اضحى ساحات اغتيالات مدروسة ضد ناشطين من الفصائل والقوى الفلسطينية، والهدف إفراغ المخيم من أطره التنظيمية والقيادية.
قد يقول قائل، إن العتب ليس في محله، وما قامت به المنظمة والسلطة الفلسطينية كاف.. حقيقة الامر، انه ليس كافياً على الإطلاق، ولو كان كذلك لكانت الأمور محلولة، والمنافذ مفتوحة، ما حدث منذ البداية، هو تأمين المؤن الأساسية، لما يمكن الوصول اليه، وكان ذلك على اية حال، امراً محموداً ومشكوراً، لكن لم يكن كافياً على اية حال، بعد ذلك تم تسمية لجنة فلسطينية برئاسة عضو لجنة تنفيذية للاتصال بالأطراف المعنية في الازمة. تمت لقاءات مع ممثلين فلسطينيين، ومع مسؤولين سوريين، بذل المسؤولون جهودهم، للتوصل الى نقاط تلاقٍ فلسطينية - سورية، بشأن الأزمة، وبشأن المخيمات، وكان من الطبيعي ان يبذل المسؤولون السوريين، جهودهم تجاه تثبيت النقاط التي يرون بأنها ذات فائدة لهم، وقد نجحوا في ذلك، نجاحاً مشهوداً.. لكن اوضاع المخيمات، وخاصة مخيم اليرموك، ساءت أحوالها، بل ووصلت الى درجة الحضيض، وازداد العتب الفلسطيني، على السلطة والمنظمة، في وقت يشعر فيه الفلسطيني هناك، بأن ما في يد السلطة والمنظمة يؤهلها، إيجاد حلول جدية وقادرة عن إنقاذ الفلسطينيين في سورية. هناك حلول اقليمية بل وان هناك حلولاً دولية، وفيما اذا أرادت السلطة والمنظمة الوصول إليها، فهي قادرة على ذلك.
لا بد من التفكير جدياً بحلول، دون الركون لما هو قائم، وكأنه قدر محتوم!.