لأننا لا نحسن استخلاص العبر والدروس نكابر ثم نكابر ونعود لنقطة البدء، نعم نحن من استخف بالحديث عن برنامج محوره "تعزيز الصمود" "وتمكين المواطن للبقاء على ارضه" وكان الحديث يدور حول التمكين الاقتصادي والاجتماعي وحل مشاكل البطالة والفقر، وقفزنا قفزة في الهواء وقيل هذا هراء، وما هو هذا البرنامج القائم على استصلاح أراضٍ زراعية وتحقيق صمود للبدو في مضاربهم وتوفير تنكات مياه واعلاف للبدو لضمان صمودهم وتعبيد مدخل قرية هنا وهناك في الغور وتكرار استصلاح طريق قام الاحتلال بهدمه عشرات المرات.
منذ سنوات والحديث يدور عن تحويل طريق اريحا – القدس وحرمان المواطن الفلسطيني من المرور عليه وبات العابر عبر طريق حزما ما يسمى ابو جورج يؤشر بيده هذا هو الطريق الجديد، اليوم تم الانتهاء من مخطط ترحيل البدو من المناطق المختلفة وخصوصا تلك المستهدفة بالطريق وتجميعهم في مكان واحد بعيد، وتم الاعلان عن عطاء إقامة أكبر مدينة استيطانية في منطقة E1 وهي أكبر من تل أبيب ستقطع الطريق بين الفلسطينيين وأريحا عبر الطريق التاريخي، وكما هو معروف فإن وزير الاسكان الإسرائيلي مقيم في مستوطنة معاليه ادوميم وهو يطلق المخطط ويصادق عليه من هناك.
اليوم تعض النخب السياسية أصابعها ندما على الوقت الذي ضاع في إعادة اختراع العجلة، هل نحن حقا نريد وصدقا نريد مقاومة شعبية، ترى اين هي البيئة الحاضنة لهذه المقاومة لتوسع قاعدتها الشعبية وتجعلها تقليد حياة؟ هل نحن حقاً صادقون مع مسألة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية ونعتبرها جزءاً من المقاومة الشعبية؟ ترى هل كنا صادقين مع مقاطعة منتجات وخدمات وكملات خدمات المستوطنات؟
وتواصل النخب السياسية عض أصابعها ندما عندما اضاعت خياراتها ردحا من الزمن وعادت اليوم لتعيد الاعتبار لها، ترى هل حقا نحن مع صمود المزارع ومعه في استصلاح ارضه وتوسيع رقعة الأراضي الزراعية؟ هل نحن حقاً مع صمود المضارب البدوية المنتشرة في رقاع الأرض وخصوصا الأراضي المستهدفة بالاستيطان ومحاطة بالمعسكرات العسكرية الاحتلالية.
اليوم عادت بعض النخب السياسية لتنشط من جديد باتجاه دعم المقاومة الشعبية بعد استشهاد الوزير زياد ابو عين، وتسعى لدعم بغض النظر عن حجمه ودقته لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية بعد أن وضعت تلك البرامج في ذيل اهتماماتها وحتى في أوج العدوان على قطاع غزة.
اليوم باتت هناك وزارات من صميم اختصاصها فضح الإجراءات الاحتلالية والاستيطانية تفيق لأهمية دورها وتسعى لشحذ الهمم لفضح الممارسات الإسرائيلية في مشروع E1 والمدينة الاستيطانية الضخمة التي ستقطع الجنوب عن الوسط والشمال، وكما يقولون الدور على الشمال آت في مدينة شبيهة ولكن الوقت أمامها أطول.
اليوم تعيد النخب السياسية والثقافية إعادة انتاج ذات الفكرة "نحو قيادة وطنية موحدة وانهاء الانقسام" في الوقت التي كانت تستخدم تلك الفكرة لمناكفة برنامج تعزيز الصمود والتمكين، واليوم تعود لذات الفكرة في ظل متغيرات على الأرض وفي الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والانقسامي يحتاج إلى اجتراح تصورات تسمو على البعد النظري الخالص.
وتظل قضايا تعزيز الصمود وتمكين الشعب الفلسطيني ليتمكن من الصمود على ارضه مع استمرار حلم الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس متيقظاً، ويترافق مع استمرار فضح وكشف الاحتلال على المستوى الدولي وتوسيع رقعة التضامن الدولي بحيث يصبح إنهاء الاحتلال قراراً وتنفيذاً دولياً تعبيراً عن الموقف الدولي الذي يتصاعد باتجاه الاعتراف بدولة فلسطين.
يجب أن نستمر في تعزيز قدرات القطاعات الاقتصادية الفلسطينية ودعم المنتجات الفلسطينية ومقاطعة المنتجات الإسرائيلية وتحريم التعامل مع المستوطنات بأشكالها كافة، وهذا سيؤدي إلى إيجاد فرص التشغيل وتعزيز الصمود.
اليوم يجب ان يتحول برنامج الرئيس محمود عباس لإنهاء الاحتلال واقامة الدولة وعاصمتها القدس ويترجم شعبياً لتشكل القطاعات الشعبية ادوات تنفيذ لهذا البرنامج، الشعب لا ينتظر منصباً ولا موقعاً بل يريد ان يكون عجلة في ماكنة البرنامج، ذاك يقاطع منتجات الاحتلال، وذاك صناعي يبدع، وذاك مدرس يعزز الهوية الوطنية، وتلك المرأة تمكن نفسها تمكيناً اقتصادياً وسياسياً وثقافياً، وذاك رجل قانون يكون حريصاً على إنفاذ القانون ليشكل رادعاً لكل من تسول له نفسه بإيقاع إخلال بالقانون في المجتمع ويمس بالسلم الأهلي، وذاك الرياضي الذي يمثل فلسطين ويرفع اسمها، فضع الشعب في دائرة إنفاذ البرنامج سيبدع، ولا تدعه فقط متلقياً دون أن يكون فاعلاً.
Aya2abd@yahoo.com