تاريخ النشر: 17 تشرين الثاني 2025

"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من غزة في اليوم الـ35 للتهدئة

كتب محمد الجمل:

 

واصلت "الأيام" رصد مشاهد جديدة من قطاع غزة، في اليوم الـ35 من بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار، في مرحلته الأولى، خاصة في ظل استمرار خروق الاحتلال للاتفاق، ومعاناة النازحين.
ومن بين المشاهد الجديدة التي رصدتها "الأيام" مشهد يوثق مطالبات نازحي رفح بحلول لأزمتهم، ومشهد آخر تحت عنوان: "التهجير الصامت"، ومشهد ثالث يرصد استمرار أزمة الوقود واستنزاف الحطب من القطاع.

 

نازحو رفح يطالبون بحلول

يعيش أكثر من ربع مليون شخص من سكان مدينة رفح كارثة كبيرة، مع استمرار نزوحهم منذ أكثر من عام ونصف العام، دون وجود حلول لهم.
وأتاح وقف إطلاق النار الأخير لمئات الآلاف من المواطنين من سكان شمال القطاع، ومدينة غزة، ووسط وغرب مدينة خان يونس، العودة إلى أحيائهم ومنازلهم، غير أن أياً من سكان رفح لم يُسمح له بالعودة مطلقاً، وما زالت المدينة مغلقة، ومحاصرة، ويمنع سكانها من الوصول إليها، وأي شخص يقترب من حدود رفح الشمالية يتم استهدافه وقتله على الفور.
وقال النازح عبد الله الكرد إن الوقت حان لإيجاد حل سريع لمشكلة نازحي رفح، كونهم الأكثر تضرراً من بين جميع نازحي القطاع، من خلال إقامة مخيمات مجهزة يعيشون فيها، ويتم في هذه المخيمات تقديم الخدمات لهم بشكل كافٍ.
وأوضح الكرد أنه وبعد 18 شهراً من إخلاء المدينة، مازال نازحوها يعيشون حياة قاسية وصعبة، بعضهم يقيمون جنوب القطاع، وآخرون وسطه، والبعض انتقلوا للعيش في مدينة غزة، ولا يمكن لهذا الوضع الكارثي أن يستمر، فإما فتح رفح، أو إيجاد حلول للمواطنين.
وأشار إلى أن الفترة الماضية شهدت مبادرات فردية، بأن يقيم سكان رفح إلى جوار بعضهم، وهناك مخيمات بأكملها من سكان رفح، لكن للأسف دون أدنى حد من الخدمات.
وسبق أن حذّرت بلدية رفح من كارثة إنسانية وشيكة تهدد حياة عشرات الآلاف من أبناء رفح النازحين مع اقتراب فصل الشتاء، في ظل غياب المأوى الملائم، وانعدام مقومات الحماية من البرد والأمطار.
وذكر رئيس بلدية رفح أحمد الصوفي، أن جميع عائلات رفح ما زالت نازحة منذ أكثر من 18 شهراً، وتعيش في مخيمات مكتظة بمواصي رفح ومناطق النزوح الأخرى جنوب ووسط القطاع، في ظروف قاسية ونقص حاد في أبسط مستلزمات الحياة.
وأكد الصوفي أن الوضع الإنساني في رفح يفوق قدرة أي جهد محلي على الاستجابة، والاحتياجات تتضاعف مع كل يوم تأخير، وقد وجّه نداء استغاثة عاجلاً إلى كافة المنظمات والمؤسسات الإنسانية للتحرك لمساعدة النازحين.
وناشد نازحو رفح الضغط على سلطات الاحتلال لدخول المرحلة الثانية من الاتفاق حيز التنفيذ، والسماح لهم بالعودة إلى المدينة، وإقامة مخيمات فيها، بدلاً من بقائهم مشتتين في أكثر من محافظة في القطاع.

 

التهجير الصامت
يومياً يغادر قطاع غزة من خلال معبر كرم أبو سالم عشرات المواطنين، في طريق هجرتهم إلى دولة ثالثة.
غير أن عملية التهجير الجديدة التي تتواصل بصمت، تحدث بطرق غير معلنة، من خلال تسجيل مواطنين من خلال روابط تروجها بعض المؤسسات المجهولة، تتيح لسكان القطاع تسجيل بياناتهم، ما يمكنهم لاحقاً من السفر.
وقال المواطن أحمد، وهو يرغب في الهجرة وعائلته من قطاع غزة إن أحد أصدقائه أرسل له رابطاً تديره مؤسسة تدعي أنها أوروبية، حيث قام بتسجيل بياناته وعائلته من أجل السفر.
وبيّن أن المؤسسة تواصلت معه لاحقاً لاستكمال البيانات، ووعدته بتسهيل سفره وعائلته، وما زال ينتظر حدوث ذلك؟، موضحاً أنه يعرف العديد من العائلات التي هاجرت بنفس الطريقة.
بينما أكد مواطنون أن قطاع غزة يشهد يومياً هجرة صامتة لعشرات العائلات بطريقة غير مفهومة، إذ يتم التواصل مع من وقع عليهم الاختيار، ويطلب منهم التوجه إلى مكان التقاء، ومن هناك يتم نقلهم إلى معبر كرم أبو سالم ومنه إلى مطار "رامون"، في إيلات، ثم السفر إلى دولة ثالثة.
ووفق عدة مصادر فإن آلاف الأسر في قطاع غزة سجلت على الروابط المذكورة، وتنتظر دورها للسفر، وسط توقعات بأن تزيد عملية السفر في المستقبل القريب.
وكان ما يسمّى "المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر- كابينت"، صادق مؤخراً على توصية وزير الدفاع "يسرائيل كاتس"، تقضي بإنشاء "مديرية خاصة" لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وذلك تماشياً مع طرح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب.
ووفق وسائل إعلام إسرائيلية ستتولى المديرية تنظيم ما وصف بـ"الانتقال الطوعي لسكان قطاع غزة إلى دولة ثالثة، لمن يُبدون رغبة بذلك"، في إطار حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة على غزة.
وقال كاتس: "نعمل بكل الوسائل لتطبيق رؤية رئيس الولايات المتحدة، وسنُتيح لكل من يرغب من سكان غزة بمغادرة القطاع إلى دولة ثالثة بشكل طوعي".
بينما قال مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز، إن فكرة نقل الفلسطينيين خارج غزة، عملية للغاية، فالرئيس ترامب يعلم أن إزالة الدمار وإعادة الإعمار في غزة تتطلب سنوات، ما يدفع للتساؤل عن كيفية إتمام ذلك في ظل وجود مليوني فلسطيني.

 

أزمة الوقود مُستمرة واستنزاف الحطب
تواصلت أزمة الوقود في قطاع غزة، مع استمرار منع وتقنين دخول الوقود بمختلف مشتقاته من قبل جيش الاحتلال.
ومع دخول فصل الشتاء، باتت الحاجة إلى الوقود كبيرة، لاسيما غاز الطهي، الضروري في كل خيمة ومنزل، سواء لأغراض الطهي، أو التدفئة.
ويلجأ مواطنون لشراء الحطب كبديل قسري عن الغاز وأنواع أخرى من الوقود، ما زاد من التكاليف اليومية، وأرهق المواطنين.
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن الاحتلال يسمح منذ قرابة الشهر بإدخال كميات محدودة جداً من غاز الطهي للقطاع، حيث يتم إصدار كشوف على فترات متفاوتة، لتعبئة الغاز بواقع 8 كغم غاز لكل عائلة، وقد حصلت بعض العائلات على الغاز، ولم تحصل غالبية الأسر على السلعة بعد.
وقال المواطن محمود نصر الله، إن أسوأ ما يحدث في قطاع غزة حالياً هو أزمة الوقود، خاصة مع دخول فصل الشتاء، وزيادة الحاجة لتلك السلعة المهمة.
وأكد أنه لم يحصل على الغاز منذ نحو 8 أشهر، ويعتمد في الوقت الحالي على الحطب كوقود، لكن هذا المورد الذي جرى استنزافه، لم يعد متاحاً كما في السابق، وأسعاره مرتفعة جداً، والأسوأ من ذلك أن إشعال النار قرب الخيمة قد لا يكون ممكناً في الجو الماطر، لذلك هناك حاجة ملحة للوقود.
ولفت إلى أن الاحتلال يعلم حاجة المواطنين للوقود في فصل الشتاء، لذلك منع وصول الغاز، والسولار، والكاز الأبيض، وكذلك البنزين، وهذا أثر على حياة المواطنين بشكل كبير، وأدى إلى تفاقم المعاناة.
من جهته، بيّن ياسر عاشور، أنه اضطر لشراء 3 كغم غاز بسعر 80 شيكلاً للكيلو الواحد، أي أكثر من 12 ضعف ثمنه، بهدف استخدامه في الأجواء الماطرة والعاصفة كبديل عن الحطب، وسيقنن استخدامه قدر المستطاع.
وأوضح أنه ينتظر كغيره من المواطنين الحصول على حصته من غاز الطهي، لكن وفق الآلية الحالية، يبدو أن كل عائلة ستحصل على 8 كغم كل 6 - 8 أشهر، بمعنى أن حصة العائلة لن تزيد على 1 كيلو غاز شهرياً، علماً أن العائلة تحتاج في الشتاء بين 1 و2 كيلو غاز للطهي والتدفئة كل يوم.