الناجون من القصف يواجهون كارثة إنسانية
كتب خليل الشيخ:
يتضور الطفلان الشقيقان عبود (10 أعوام) وشقيقته نرمين رجب سلمان (سبعة أعوام) من بيت لاهيا جوعاً وهما ينتظران عودة والدهما بما تيسر من الطعام بعد غياب ست ساعات منذ الصباح.
عاد الأب يحمل وعاء بلاستيكياً صغيراً مملوءاً بقليل من "المكرونة" المطبوخة بالطماطم لكن هذه الكمية لن تكفي لسد رمق الأسرة المكونة من سبعة أفراد هما: الوالدان وثلاثة أشقاء أكبرهم 15 عاماً وأصغرهم رضيع يبلغ عاماً ونيفاً.
يقول سلمان (38 عاماً) لـ"الأيام": نصحو يومياً لنفكر كيف يمكن أن نُطعم صغارنا وكيف يمكن أن نؤمن لهم الماء، فنحن نجوع طيلة اليوم ونشبع ساعة أو أكثر فقط بعد تناول الوجبة اليومية مباشرة، ومستمرون على هذا الحال منذ أكثر من شهر.
تسكن عائلة المواطن سلمان في منطقة "الغبون" وسط بلدة بيت لاهيا التي تشهد مجازر تنفذها قوات الاحتلال إلا أن هذه الأسرة الفقيرة تكافح من أجل البقاء على قيد الحياة سواء من ناحية القصف الإسرائيلي أو من ناحية الجوع والعطش.
ويضيف سلمان: ننزح من مكان إلى آخر ونهرب حتى ولو في منتصف الليل، للاحتماء من صواريخ وقذائف الاحتلال، لكن هذه الصواريخ تلاحقنا في كل حدب وصوب وكأن الاحتلال يعرف أين نحتمي بالضبط، مشيراً إلى أن أسرته تعرضت للإصابة بعدما استهدف منزله بالصواريخ والقذائف، ويتنقل في نزوحه بين منازل أقربائه الذين نزحوا قبل عام إلى جنوب القطاع.
وبين سلمان أن طفليه وبقية أبنائه لا يتناولون الطعام في الصباح بل يتناولون بعض الشاي المر مع قليل من الخبز فقط وينتظرون حتى عودتي من "الاتكية" لجلب الطعام، مشيراً إلى أنهم يتناولون وجبة واحدة فقط كل يوم ولا يوجد سواها أصلاً.
ويشعر أفراد هذه الأسرة كما باقي الأسر الناجية من القصف المتواصل في بيت لاهيا وباقي مناطق شمال القطاع، بالجوع والعطش أغلب ساعات اليوم، لكنها تحاول النجاة بنفسها من الموت عبر سعيها المتواصل لجلب المياه والأكل.
وأوضح سلمان أنهم يواجهون متاعب عند الحصول على ماء الشرب، بعدما كانت تصلهم عبر شاحنات توزعها بشكل مجاني عقب أن انقطعت المياه التي تزودها بلدية بيت لاهيا.
ويقول: الآن لا تصل مياه البلدية ولا مياه الشاحنات ويتكفل المواطنون والنازحون بجليها بصعوبة بالغة، مشيراً إلى أن ابنه الأكبر يقوم بجلبها يومياً حيث يعود بعد مرور ساعات، بنصف جالون من المياه، وبالكاد يكفيهم للشرب.
وحول إطعام رضيعه قال إن والدته تقوم بإذابة النشا مع قليل من الماء وتدفئه عوضاً عن الحليب غير المتوفر في محال البيع، "وحتى إذا كان متوفراً في المحال فلا قدرة لديّ على شرائه فالدخل معدوم نهائياً"، قال سلمان في إطار حديثه لـ"الأيام"، ممنياً النفس بقدوم أي مؤسسة لتوزيعه مجاناً على الرضع.
وأعرب سلمان عن استيائه ويأسه من تفاصيل حياته الممزوجة بالعذاب والخوف من الموت ورعب القصف حيث تتعرض منطقة نزوحه للكثير من حوادث القصف الجوي والمدفعي ويسمع عن استشهاد عائلات بأكملها ويهرب لكي لا تكون عائلته إحداها، حسب قوله.
ويقول: رغم كل المعاناة وصعوبة الحياة إلا أنني لا أفكر بالرحيل أو الانتقال إلى الجنوب.
من جانبها قالت بلدية بيت لاهيا في بيان أصدرته، إن البلدة تشهد كارثة إنسانية محققة، وباتت دون طعام أو مياه أو مستشفيات وإسعافات ودفاع مدني وأطباء وبلا أي خدمات صرف صحي أو نظافة من النفايات وكذلك دون اتصالات.
وأطلقت البلدية أكثر من نداء استغاثة كي تتم مساعدة من تبقى من السكان وتمكينهم من الصمود في وجه العدوان الإسرائيلي المتواصل.